وأبو بكر في وقتنا هذا مهب البراعة وجنوبها، ومنتهى بعيد هذه الصناعة وقريبها، وكان جده (?) صدر الفتنة الناشئة في آخر دولة بني عامر قد انزوى بضيعة له بمدينة شذونة (?) أحد أقاليم القطر الغربي من الأندلس حيث ظن أنه يخفى على الديلي مناره، وتتلفع برماد الخمول ناره، وتأبى الزهرة إلا مروقاً من الكمامة، والشمس إلا شورقاً تحت الغمامة، فاهتدى له أحد أمراء البرابرة (?) المتغلب - كان يومئذ - على مدينة قرمونة وذواتها من أقطار الجزيرة، فاستخلصه لنفسه، وغلب عليه أهل جنسه، فلم يزل يقتدح بزنده، ويلقي إليه بمقاليد حله وعقده (?) . ونشأ ابنه أبو (?) مروان المذكور في حجر دولتهم، فحمى حماها، ودارت عليه رحاها، إلى أن انتحاها من قدر الله تعالى على يدي عباد (?) ما انتحاها، فلم يجد أبو مروان بداً من لزوم طاعته، والدخول في جماعته، فأقام باشبيلية بقية أيام المعتضد وصدراً من دولة المعتمد، يتبرض جميعها، ويتزود نسيمها، إلى أن أنشأ المعتمد لابنه الفتح دولته بقرطبة - حسبما نومئ (?) إلى خبرها بالشرح -