آياته، ويتبارون إلى أبعد غاياته، ولكل دليل في السنا مشتهر، وسبيل إلى العلياء مختصر. ونهض تصريف المقدار منهم بابن عمار، فشب عن طوفه، بالحمل وأوقه، وبلغ المبلغ الذي استغنى باشتهاره عن تكراره، وتبعه هذان في الانقطاع إلى الدولة، يحسبان كل بيضاء شحمة، ويتخيلان كل ضوء نجمة، ولله في بريته أقدار يمضيها، ومن مشيئته أسرار يتفرد بها فيخفيها؛ فلم يحصلا إلا على لبس ما خلع [84أ] والارتسام حيث أشار ووضع؛ فأما ابن الملح فإنه نفر نفرة الأنف، وفر فرار الحنق الأسف، مؤثراً للانزواء، على الاستخذاء، مكتفياً بالدون، من التصرف على الهون، وكانت له خلال ذلك مدائح يهديها، ورحل إلى الحضرة يحمل على نفسه الأبية فيها، فيطرأ جديداً، ويصادف عهداً بها بعيداً، فيؤوب ضخم العياب، محمود المقام والإياب. وأما حسان هذا فصدق الحملة، ولزم الجملة، مغتبطاً بما خول، جاعلاً نفسه حيث جعل، ورضي من ابن عمار بوطء عقبه، ولزوم مركبه، وابن عمار يرعاه لمكانه، ويخاف انتباه المعتمد لشانه، حتى زاحمه أخيراً بالأديب أبي محمد عبد الجليل، فأقرا له بالفرق، وأخذ منهما جميعاً قصبات السبق. وكان ابن عمار بعد ذلك كله