يحرق الحرج، و " دويهية " وهي تلتهم الأرواح والمهج؛ ومعلوم أن هذا الطائر الصافر يفوق جميع الطيور في فهم التلقين، وحسن اليقين، فإذا علم الكلام لهج بالتسبيح، ولم ينطلق لسانه بالقبيح، ثم تراه يقوم كالنصيح، ويدعو إلى الخير بلسان فصيح، فمن أحب الاتعاظ، لقي منه قس إياد بعكاظ، أو مال إلى سماع البسيط والنشيد، وجد عنده نخب الموصلي للرشيد، فطورا يبكيك بأشجى من مراثي أربد، وحينا يسليك بأحلى من أغاني معبد، فسبحان من جعله هاديا خطيبا، وشاديا مطربا مطيبا.

ولما طار ببلاد الغرب ووقع، وزقا في أكنافها وصقع، وعاين ما اتفق فيها هذا العام من عدم الزيتون، في تلك البطون والمتون، أزمع عنها فرارا، ولم يجد بها قرارا، لأن هذا الثمر بهذا الأفق هو قوام معاشه، وملاك انتعاشه، إليه يقطع، وعليه يقع، كما يقع على العسل الذباب، وتقطع إلى العراد الضباب، فاستخفه هائج التذكار، نحو تلك الأوكار، حيث يكتسي ريشه حريرا، ويحتشي جوفه بريرا، ويحتسي قراحا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015