حسنت لك يا سيدي أبا الحسين ضرائب الأيام، وتشوفت نحوك غرائب الكلام، واهتزت لمكاتبتك أعطاف الأقلام، وجادت على محلك ألطاف الغمام، وأشادت بفضلك ونبلك أصناف الأنام، فإن كان روض العهد - أعزك الله - لم يصبه من تعهدنا طل ولا وابل، ولا سجعت على أيكه ورق الوفاء ولا بلابل، فإن أزهاره على شرب الصفاء نابتة، وأشجاره في ترب الوفاء راسخة ثابتة، وقد آن الآن لعقم شجره أن تطلع من الثمر ألونا، ولعجم طيره أن تسمع من النغم ألحانا، بما سقط إلي، ووقع علي، من طائر شهي الصفير، مبني الاسم على التصغير، فإنه رجع بذكرك حنينا، وابتدع في نوبة شكرك تلحينا، وحرك من شوقي إليك سكونا، ودمث في قلبي لودك وكونا، ثم أسمعني أثناء ترنمه كلاما وصف به نفسه، لو تغنت به الورقاء، لأذنت له العنقاء، أو ناح بمثله الحمام، لبكى لشجوه الغمام، أو سمعه قيس بن عاصم في ناديه، وبين أعاديه، لحل الزمع حباه، واسترد الطرب صباه، فتلقيت فضل صاحبه بالتسليم، واعترفت بسبقه اعتراف الخبير العليم.
وبعد فإني أعود إلى ذكر ذلك الحيوان الغريد، والشطيان المريد فأقول: لئن سمي بالزريزير، لقد صغر للتكبير، كما قيل " حريقيص "، وسقطه