أنشوطة وهق الخزي على عنقه، وأشفى على انقطاع ذمائه ورمقه، ففرجت عنه كربة لم يظنها تنفرج، ونهجت له منها وجه مخلص لم يحسبه ينتهج، وأخليت وجهه لأذى المسلمين يبدئه ويعيده، وبسطت فيهم يده وكانت في جامعة تقصره عما يريده، ولو أن صاحب رومة المشتمل معه بعباءة الكفر والشرك، المنتحل ما ينتحله من كلمة الزور والإفك، يكون مكانك من جوارنا، ويصاقب كما صاقبت قاصية دارنا، ما أتى من نصره فوق ما أتيت، ولا تولى من انتشاله، والسعي ف استقلاله، إلا بعض ما توليت، ولا أنحى على المسلمين من مضاره إلا بدون ما أنحيت، ولا بغاهم خبالاً بأكثر مما بغيت.
وما في تلك الجزيرة - عصمها الله - من صالحٍ ولا طالح إلا ما يعرضك على الله تعالى، ويرفع إليه فيك عقيرته بالشكوى، وكل ما سفك من دم، وانتهك من محرمٍ، واستهلك من ذمم، فإليك منسوب، وعليك محسوب، وفي صحيفتك مكتوب، وموعد الجزاء غداً وإنه لقريب، فانظر ما أنجح أثرك، وأربح متجرك، وأصلح موردك ومصدرك.
وله من أخرى عنه إلى الفقيه قاضي الجماعة [52ب] بقرطبة أبي عبد الله بن حمدين: وصل كتابك فوقفنا على معانيه، وأحصينا المجمل والمفضل