عن جهاد المشركين، ولا أقبلنا إلا على ما يحوط حريم المسلمين، رجاء أن يثوب استبصار، أو يقع إقصار، وأنت خلال ذلك تحتفل وتحشد، وتقوم بحميةٍ وتقعد، وتبرق غضباً وترعد، وتستدعي ذؤبان العرب وصعاليكهم من مبتعد ومقترب، فتعطيهم ما في خزائنك جزافاً، وتنفق عليهم ما كنزه أوائلك إسرافاً، وتمنح أهل العشرات مئين وأهل المئين آلافاً، كل ذلك تعتضد بهم، وتعتمد على تعصبهم لك وتألبهم، وتعتقد أنهم جنتك من المحاذير، وحماك دون المقادير، وتذهل عما في الغيب من أحكام العزيز القدير.
ونحن أثناء ما فعلت، وخلال ما عقدت وحللت، نؤم العدو - قصمه الله - فنجبهه ونكافحه، فنقدعه ونناطحه، ونتحفه من أقطاره، ونغزوه بدءاً وتعقيباً في عقر داره، إلى أن استجمعت أخيراً واستجشت، وترجعت إلى عرفانك وأجهشت، ولولا ماؤك الذي ثمدوه، وشارفوا إلى أن يستنفدوه، ما أووا لشكواك، ولزادوك ضغثاً على إبالة بلواك، وإنك لمتداوٍ منهم بسمٍ، ومستريح إلى غم، فبلغت معهم ما بلغت، وأرغت بهم ما أرغت، واستقبلتنا بما أثبت عن العدو ولقد أخذناه بمخنقه، وأضفنا