الدين، أبا يعقوب يوسف بن تاشفين، رحمه الله، فأجاز إلى جزيرة الأندلس في صدر سنة تسع وسبعين، وبادر بنفسه وجماعته عجالاً، وتداركوها ركباناً ورجالاً، ونفروا نحوها خفافاً وثقالاً، والنجح يقدمهم، والفلج يصحبهم، فكان من الفتح يوم الجمعة المؤرخ ما كان: صرع الله فيه عبدة الطواغيت، ووفد عليه عوضاً من آلاف دنانير الأموال، ضعفهم من الفرسان الأبطال، ففي ذلك يقول عبد الجليل من جملة قصيدة:

أتنكر العجم أن العرب سادتها ... وتشهد البيض والخطية السمر

لما تعارض دون الشكر كفرهم ... عادت بوادر فيهم تلكم البدر

وهب عن كل دينار لهم بطل ... كالخالص التبر مسبوك ومختبر

فليقلبوها ألوفاً من أسود وغىً ... تزكو على السبك لا جبن ولا خور

وليرقبوا من أمير المسلمين ومن ... مؤيد الدين ليلاً ما له سحر [51ب]

لم يهشموا الثغر إذ عاثت أكفهم ... لو يعقلون ولكن تلكم الثغر

وليس ما غيروا إلا لأنفسهم ... كأنما نبهوا إذ نامت الغير قوله: " وهب عن كل دينار لهم بطل " ... البيت، نبهه على هذا المعنى المتنبي بقوله:

ولو كنت في أسر غير الهوى ... ضمنت ضمان أبي وائل

فدى نفسه بضمان النضار ... وأعطى صدور القنا الذابل

ومناهم الخيل مجنونةً ... فجئن بكل فتىً باسل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015