حتَّى إذا رُفِعَ اللِّواءُ رَأيْتَه ... تَحْتَ اللِّواءِ عَلى الخَميسِ زَعيما

قولها: لا تَغْزُوَنَّ يروى لا تَقْرَبنَّ وقولها: لا ظالِماً أبداً ولا مظلوما تريد: لا مُبْتَدِئاً لهم بالحرب من غير أن يُحارِبوك ولا مُنْتقماً مِنْهم إنْ حاربوك، لأنّهم أولو بأسٍ شديدٍ لا يُطاقون على أي حال، ويُروى:

لا ظالماً فيهم ولا مظلوما

قال البكري شارحُ الأمالي: وهذه الرِّوايةُ هي الجيّدة لوجهين أحدُهما: أنّها أفادت معنى حسناً، لأنّه قد يكون ظالماً أو مظلوماً من غيرهم فيستجير بِهم لِرَدِّ ظُلامتِه، أو لاسْتِدْفاع مكروهِ عقوبته فلا بُدَّ لهم من إجارتِه، والوجهُ الثاني أن قولها: لا تقربنَّ الدَّهْرَ قد أغنى عن قولها: أبداً، فصار حَشْواً لا يُفيد معنًى، وقولها: قومٌ رباط الخيل. . . ألبيت تقول: إنّهم أصحابُ خيل ورماح مستعدون أبداً لدفع الأعداء والذَّوْدِ عن حِياضهم، وأسِنَّةٌ زُرْقٌ: صافيةٌ لامِعَةٌ كأنّها نجوم في الصّفاء واللّمعان، وقولها: ومُخَرَّق عنه القميص فيه قولان: أحدُهما: أنَّ ذلك إشارةٌ إلى جَذْبِ العُفاة له، والثاني: أنّه يُؤْثِرُ بِجَيِّدِ ثيابِه فيَكْسوها ويكتَفِي بِمَعاوِزِها - أي الثياب البالية مِنها لأنها ثيابُ المُعْوِزين - وقولها: تخاله من الحياء سقيما تريد أنّه لإمعانِه في الكرم والسخاء تظنه سقيماً من الحياء خشيةَ أن لا يكونَ قد بلغَ من إكرام الضيف ما ينبغي، تمدحه بالجود كما تمدحه بالشجاعة. والخميس: الجيش، والزعيم: الكفيل والرئيس.

وقال بعضُ بني مازِن:

وقدْ علِموا بأنَّ الحَرْبَ لَيْسَتْ ... لأصْحابِ المَجامِرِ والخَلُوقِ

ضَرَبْناكُمْ على الإسلامِ حتّى ... أقَمْناكم على وَضَحِ الطَّريقِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015