وسأل رجل عبد الملك بن مروان الخلوةَ؛ فقال لأصحابه: إذا شئتم فلمَّا تهيّأ الرّجل للكلام قال له: إيّاك وأن تمدَحَني، فإنّي أعرفُ بنفسي منك أو تكذبَني فإنَّه لا رأيَ لكذوب، أو تسعى بأحدٍ إليّ، وإنْ شئتَ أنْ أقيلَك أقلْتُك، قال: أقِلْني.
ووشى إلى عبد الملك واشٍ في أحد الكتَّاب، فوقع:
أقِلُّوا عليهِمْ لا أبا لأبيكِمُ ... من اللَّوْمِ أو سُدُّوا المَكانَ الذي سَدُّوا
وقال الواثقُ لأحمدَ بن أبي دواد القاضي: ما زال القوم في ثلْبِك إلى الساعة، فقال: يا أمير المؤمنين، لكلِّ امْرئٍ منهم ما اكتسب من الإثم، واللهُ وليُّ جزائِه، وعقابُك مِنْ ورائِه، فما الذي قلتَ لهم؟ قال: قلت:
وسَعى إليّ بِصَرْمِ عزَّةَ نِسْوةٌ ... جَعلَ المليكُ خُدودَهنَّ نِعالَها
سأل بعضُ الأنبياء ربَّه عزّ وجلّ أن يدفع عنه ألسنةَ الناس فلا يغتابوه، فقال عز وجل: هذه خَصْلةٌ لم أجعلْها لنفسي فكيفَ أجْعلْها لك!
وقالوا: ليس إلى السلامة من ألسنة الناس سبيلٌ. فانظر إلى ما فيه صلاحُك فالزَمْه.