ذكر الحافظ ابن الجوزي في الكتاب المذكور حكايات كثيرة في تعذيب المتصوفة أنفسهم بالجوع زادوا فيها على نساك الهند الوثنيين أضعافا كثيرة، أذكر منها شيئا يسيرا فمن ذلك ما ذكره الحافظ ابن الجوزي في الكتاب المذكور صفحة 200 حكى أبو حامد الطوسي عن سهم يعني ابن عبد الله التستري قال: كان سهل يقتات ورق النبق مدة، وأكل دقائق التبن مدة ثلاث سنين، واقتات بثلاثة دراهم في ثلاث سنين.
ومن ذلك الترهب بترك التزوج وتعاطي أسباب المعيشة للتفرغ إلى عبادة الله بزعم المنتحلين لذلك، وهذا من الجهل بسنة الله وفطرته ومحاولة تغييرها، وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عبادة الله ليست منحصرة في الصيام والصلاة، بل كل قول أو عمل يراد به وجه الله هو عبادة، وقد أوجب الله على عباده واجبات كثيرة فمن ضيع بعضها كمن ضيع كلها، عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالها، وقالوا أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم أما أنا فأصلي الليل أبدا ولا أنام، وقال الآخر وأنا أصوم الدهر أبدا ولا أفطر، وقال الآخر وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء