ثالثًا:
إن الدين لم يكن لازما من لوازم الجماعات البشرية لأنه مصلحة وطنية أو حاجة حياتية حيوية، لأن الدين قد وجد قبل وجود الأوطان، ولأن الحاجة الحيوية تتحقق أغراضها في كل زمن وتتوافر أسبابها في كل حالة ولا يزال الإنسان بعد تحقق هذه الأغراض في حاجة إلى الدين. لكن الدين كان لازما لأنه يقرر مكان الإنسان الفرد في الكون أو في الحياة، ويبيّن للإنسان العلاقات بين الكائنات جميعًا ويبيّن مصدر الحياة. ولأن الإنسان لا يقنع بالحياة المحدودة، فهو يسعى إلى حياة الخلود ويريد لنفسه أن تتصل بالكون كله في أوسع مداه.