عليه وسلم كان يفعل هذا تارة وهذا تارة. فأخبر كل بما اعتقد أنه الأكثر وإنما كره ابن مسعود أن يعتقد وجوب الانصراف إلى اليمين. ويمكن الجمع بينهما بوجه آخر وهو أن يحمل حديث ابن مسعود على حالة الصلاة فى المسجد. لأن حجرة النبى صلى الله عليه وسلم كانت من جهة يساره ويحمل حديث أنس على ما سوى ذلك كحال السفر. ثم إذا تعارض اعتقاد ابن مسعود وأني رجح رأى ابن مسعود لأنه أعلم وأسنّ وأجل وأكثر ملازمة للنبى صلى الله عليه وسلم وأقرب إلى موقفه فى الصلاة من أنس، ولأن فى إسناد حديث أنس من تُكِلِّم فيه وهو السُّدى، ولأن حديث ابن مسعود متفق عليه ويوافق ظاهر الحال، لأن حجرة النبى صلى الله عليه وسلم كانت على يساره بخلاف حديث أنس فى الأمرين. ثم ظهر لى أنه يمكن الجمع بوجه آخر وهو أن من قال أكثر انصرافه عن يساره نظر إلى هيئته فى حال الصلاة. ومن قال أكثر انصرافه عن يمينه نظر إلى هيئته فى حال استقباله القوم بعد سلامة من الصلاة. فعلى هذا لا يختص الانصراف بجهة معينة، ومن ثم قال العلماء: يستحب الانصراف إلى جهة حاجته، وإذا استوى الجهتان فاليمين أفضل لعموم الأحاديث فى فضل التيامن (?).

والحكمة فى طلب انحراف الإمام عن القبلة بعد انقضاء الصلة واستقباله المأمورين كلا أو بعضاً أن يُعلِّمهم ما يحتاجون إليه. وقيل ليعرف الداخل انقضاء الصلاة إذا لو استمر الإمام على هيئته لتوهم أنه فى التشهد مثلا.

(وقال) ابن المنير: استدبار الإمام المأمومين إنما هو لحق الإمامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015