حولها تظل هى ومن معها ثلاثة أيام، ثم يعدن سيرتهن الأولى كل خميس حتى ينتهى جناز الأربعين وتلك عادات مزرية، وفعال مشينة، ومنكرات عكف عليها هؤلاء النساء. والرجال القوامون عليهن ساكتون لاهون. وليس هناك الآمر الناهى قوى اليقين. فشمر المؤلف ساعد الجد، وكشف ذراع الغيرة ونهى وزجر أهل كل بلدة يتنقل إليها وبين لهم ما يترتب على هذا الفعل الشينع من الضرر والفساد وغضب الواحد القهار، فثاب إلى رشده كثير ممن كتب الله الهداية لهم، وصلحت نفوسهم، ونفوس نسائهم.
منى القطر المصرى بالمتصوفة أرباب الطرق. وهم كثير تبلغ طرقهم ثلاثين أو تزيد. وقد كان المؤلف صوفيا خلوتيا قبل أن يخطو إلى الأزهر الميمون واختلط بكثيرين ممن ينتسبون إلى طرق أخرى فسمع الأذكار المحرفة ورأى الألعاب البهلوانية، وشاهد من يتظاهر بأكل النار والحيات والزجاج، وعاين الضرائب التى يجبيها مشايخ الطرق من مريديهم كأنها أموال أميرية وأبصر النذور والهدايا تقدم إليهم كأنها مسوقة إلى حرم الله تعالى، أو مبذولة إلى عيال الله الفقراء والمحاويج، فحمل عليهم الشيخ الإمام حملة شعواء، وأبان للعامة أنهم على غير هدى وأن ما يقدم لهم من الضرائب حرام وسحت، وكل لحم ودم نبتا من حرم فالنار أولى بهما، وأن الطرق الصوفية ليست حرفا ولا مهنا بل هى بأذكارها المحرفة وضرائبها ونذورها، شارة سوداء تشوه جمال الدين الإسلامي، وتجعل الأجانب الغربيين أعداء الدين ينظرون إلينا نظرة السخرية والازدراء فى حين أن الدين منهم براء، وأن سيدنا محمدا صلوات الله وسلامة عليه وعلى آله يمقت هؤلاء.
وكانت النتيجة أن تباعد كثير من هؤلاء المتصوفة، فقلت أرزقهم وقطعت نذورهم، فأخذوا يكيدون للمؤلف، ويدبرون له المؤامرات من يومئذ ولا تنس أن المال شقيق الروح! !