وأيضا فان الاستنان فيه ليس المراد به الاختراع. وإنما المراد به العمل بما ثبت بالكتاب والسنة النبوية. وذلك لأن سبب الحديث هو الحث على الصدقة المشروعة. فقد قال جرير بن عبد الله: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في صدر النهار فجاءه قوم حفاة عراة مجتابى النمار متقلدى السيوف عامتهم بل كلهم من مضر فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال: (يأيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة) الآية، والآية التى في الحشر: (اتقوا الله ولتنظر نفس ما تقدمت لغد) تصدق رجل من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره، حتى قال ولو بشق تمرة. فجاءه رجل من الأنصار بصرة كادت كفة تعجز عنها بل عجزت. ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم: من سن في الإسلام (الحديث) أخرجه أحمد ومسلم والنسائى (?) {5}. (قال) الشاطبى: فتأملوا أين قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من سن سنة حسنة؟ تجدوا ذلك فيمن عمل بمقتضى المذكور على أبلغ ما يقدر عليه حتى أتى بتلك الصرة فانفتح بسببه باب الصدقة على الوجه الأبلغ، فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى قال " من سن في الإسلام " الحديث.
فدل