الإيجاب والقبول بين المعطى والآخذ، ولذا قالوا هم والحنبلية: لا تجب الزكاة في الورق النقدي إلا إذا قبض مالكه قيمته ذهبا أو فضة ومضى على هذه القيمة حول كامل.

(ورد) بأن هذا مناف لما تقتضيه حكمة التشريع وفيه ضياع لحق الفقير وهدم لأحد أركان الإسلام، وهو الزكاة التي شرعت طهرة للمال ولصاحبه ورأفة بالفقير وعطفا عليه وبه يكون التحابب والتآلف والتعاطف والتراحم المشار إليها في حديث: "ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" أخرجه أحمد والشيخان عن النعمان بن بشير، وهذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: مثل المؤمنين ... الخ (?). {84}

وإنا نجد الآن الأوراق المالية مكدسة في البنوك والخزائن وتمكث على هذا السنين الطوال لا يرف منها إلا ما تدعو الحاجة الوقتية إلى صرفه، فلو قلنا بعدم الزكاة فيها لأنها ليت ذهبا ولا فضة لما وجبت الزكاة على أحد. وهذا غير معقول. والمعقول أن من ملك النصاب من الورق المالي وحال عليه حول كامل لزمه زكاته باعتبار زكاة الفضة لأن الذهب غير ميسور الآن. هذا ما ندين الله تعالى به وهو الحق الصريح بلا مرية، وقانا الله تعالى من رذيلة البخل "ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015