(وقد) جاء في هذا أحاديث كثيرة صحيحة تدل على أنه يطلب من الإمام قتال من امتنع عن تأدية الزكاة وكان ذا قوة (فإن) ظفر به وبماله أخذ منه الزكاة بلا زيادة ولا تسبي ذريته، لأن الجناية من غيرهم ولأن مانع الزكاة لا يسبي (وإن) ظفر به دون ماله دعاه إلى أداء الزكاة واستتابه ثلاثا. فإن تاب وأدى الزكاة إلا قتل عقوبة لا كفرا، لأن عمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم امتنعوا من قتال مانعي الزكاة في بدء الأمر ولو اعتقدوا كفرهم لما توقفوا عنه. ثم اتفقوا على القتال وبقي الكفر على اصل النفي، ولأن الزكاة فرع من فروع الدين فلا يكفر تاركه بمجرد تركه كالحج (وروي) عن أحمد ما يفيد أنه يكفر بقتاله عليها (روى) الميموني عنه أنه قال: إذا منعوا الزكاة كما منعوها أبا بكر وقاتلوا عليها لم يورثوا ولم يصل عليهم.
... (وقال) ابن مسعود: ما تارك الزكاة بمسلم وذلك أن أبا بكر رضي الله عنه لما قاتلهم وعضتهم الحرب قالوا: نؤديها، قال: لا أقبلها حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة فدل على كفرهم.
... (وأجاب) الجمهور عن هذا بأنه يحتمل أنهم جحدوا وجوبها، فقد نقل عنهم أنهم قالوا: إنما كنا نؤدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأن صلاته سكن لنا وليس صلاة أبي بكر سكنا لنا فلا نؤدي إليه.
... (ويحتمل) أن أبا بكر رضي الله عنه قال ذلك لأنهم ارتكبوا كبائر من غير توبة، فحكم لهم بالنار ظاهرا كما حكم لقتلى المجاهدين بالجنة ظاهرا.