قلبه عظمة ما يعظمونه، فنشأ على هذا الصغير وشاخ عليه الكبير ولا يسمعون من أحد إنكارا عليهم، بل ترى من يتسم بالعلم ويدعي الفضل معظما لما يعظمونه، قابضا للنذور، آكلا ما ينحر على القبور، فيظن أن هذا دين الإسلام.
ولا يخفي على أحد يتأهل للنظر ويعرف بارقة من علم الكتاب والسنة والأثر أن سكوت العالم أو العالم على وقوع منكر ليس دليلا على جوازه، ولنضرب لك مثلا من ذلك: هذا حرم الله الذي هو أفضل بقاع الدنيا بالاتفاق أحدث فيه بعض الملوك هذه المقامات الأربعة التي فرقت عبادة العباد، واشتملت على ما لا يحصيه إلا الله تعالى من الفساد وصيرت المسلمين كالملل المختلفة في الدين. بدعة قرت بها عين إبليس اللعين وقد سكت الناس عليها ووفد علماء الأقطار إليها وشاهدوها وسكت منهم من سكت، أفهذا السكوت دليل على جوازها؟ هذا لا يقوله عاقل وكذلك سكوتهم على هذه الأشياء الصادرة من القبوريين (?).
... وقال ابن القيم: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا زار القبور يزورها للدعاء لأهلها والترحم عليهم والاستغفار لهم، فأبى المشركون إلا دعاء الميت والأقسام على الله به وسؤاله الحوائج والاستعانة به والتوجه إليه بعكس هدية صلى الله عليه وسلم فإنه هدى توحيد وإحسان إلى الميت، وهدى هؤلاء شرك وإساءة إلى نفوسهم وإلى الميت، وهم ثلاثة أقسام: إما أن يدعوا للميت أو يدعوا به أو عنده، ويرون الدعاء عنده أولى من الدعاء في المساجد. ومن تأمل هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه تبين له الفرق بين الأمرين (?).