في بيوت الأموات والاجتماع فيها للحكايات وتضييع الأوقات في المنهيات مع المباهاة والمفاخرات، ولا يتفكرون فيمن دفنوه في التراب تحت الأقدام ووضعوه في بيت الظلام والهوام، ولا في وحشته وضمته وهول السؤال، ولا فيما انتهى إليه الحال من الروح والريحان والنعيم، أو الضرب بمقامع الحديد والاشتعال بنار الجحيم، ولو نزل عليهم كتاب بانتهاء الموت وأنهم مخلدون بعده لقلنا إنما يفعلونه فرحا بذلك، ولكن الهوى أعماهم وأصمهم. وإن سئلوا عن ذلك أجابوا باتباع العادة والمباهاة ومحمدة الناس. فهل في ذلك خيرا؟ كلا بل هو شر وخسران وضير (?).
... يستحب زيارة القبور للرجال من غير وطء للقبر، ولا استعانة بأهلها، ولا سؤالهم شيئا ولا مس القبر ولا تقبيله ولا الطواف به، فإنه من عادة أهل الكتاب، ولم يعهد في الإسلام إلا للحجر الأسود والكعبة. ويقصد بزيارتها وجه الله تعالى وإصلاح القلب ونفع الميت بالدعاء له وما يتلى عنده، لأن زيارتها تحدث في القلب خشية وتذكرا للموت.
(وقد ورد) في هذا أحاديث: (منها) حديث عبد الله بن بريدة بن الخصيب الأسلمى عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها فإنها تذكركم الآخرة". وفي رواية: "فإن في زيارتها تذكرة" أخرجه أحمد ومسلم والأربعة وابن حبان والحاكم والبيهقي (?). {81}