فإن الغرض من سياق الآية تشبيه الكفرة بأهل القبور في عدم الإسماع.
(جـ) وبالعقل فإن نرى شخصا يصلب ويبقى مصلوبا حتى تذهب أجزاؤه ولا نشاهد فيه إحياء ولا مساءلة، وأبلغ منه من أكلته السباع والطيور وتفرقت أجزاؤه في بطونها وحواصلها، وكذا من أحرق وتفتتت أجزاؤه وذرتها الرياح العاصفة شمالا وجنوبا وغربا، فإنا نعلم عدم إحيائه ومسائلته ضرورة (وأجاب) أهل السنة:
... (أولا) عن قوله تعالى: {لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا المَوْتَ إِلاَّ المَوْتَةَ الأُولَى} بأن ذلك وصف لأهل الجنة، أي لا يذوق أهلها فيها الموت فلا ينقطع نعيمهم كما انقطع نعيم أهل الدنيا، فلا دلالة في الآية على انتفاء موتة أخرى بعد المساءلة وقبل دخول الجنة.
... (ثانيا) عن قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي القُبُورِ}.
... بأن عدم إسماع من في القبور لا يستلزم عدم إدراكهم.
(ثالثا) عن دليلهم العقلي أن المصلوب لا بعد في إحيائه ومساءلته مع عدم المشاهدة، كما في النائم فإنه حي ولا نشاهد حياته، وكما في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام وهو بين أظهر أصحابه مع ستره عنهم ولا بعد في رد الحياة إلى بعض أجزاء البدن فيختص بالإحياء والمساءلة والعذاب وإن لم يكن ذلك مشاهدا لنا (?). هذا وقد دلت الأحاديث على أن السؤال عام للمؤمن والكافر والمنافق، خلافا لمن زعم أنه خاص بمن يدعي الإيمان إن محقا وإن مبطلا مستندا لقول عبيد بن عمير التابعي: " إنما يفتن رجلان مؤمن