وفى هذه الأحاديث أيضا دليل: (أ) على جواز ذكر المرء بما فيه من خير أو شر للحاجة ولا بعد ذلك غيبه. (ب) وعلى نجاة من يشهد له الصالحون بالخير، ومحله إذا شهدوا بما يعلمون بحسب ظاهر حاله (وأما) ما اعتاده كثير من أهل الزمن من قول بعضهم بعد الصلاة على الميت: ما تشهدون فيه؟ فيقولون: هو من أهل الخير والصلاح - وإن لم يكن كذلك - فهو بدعة ذميمة أوقعت كثيرا من الناس في شهادة الزور مخالفة لهدى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح. فقد علمت أنهم كانوا يشهدون بلا سؤال بما يعلمون في الميت: من خير أو شر. أما أهل زماننا فقد ابتدعوا السؤال وقد يشهدون زورا لأنهم لا يفرقون بين الصالح والطالح. فهم آثمون في ذلك، فعلى العاقل اجتناب ذلك والتأسى بفعل النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه وسلف الأمة الصالحين وليهتد بهديهم. فالخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع، قال تعالى: " وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً " (?) " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (?)

(خاتمة) في سب الأموات - علمت أنه يجوز سب الميت الكافر والمنافق والمجاهر بالفسق والبدعة. أما المؤمن الصالح والفاسق غير المجاهر فيحرم سبه حيا وميتا. وعليه يحمل النهى الوارد في الأحاديث (كحديث) عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا. أخرجه أحمد والبخاري والنسائي والبيهقى (?). {590}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015