(وقال) العلامة الخطيب: واختلف فى قوله تعالى " فى ليلة مباركة " فقال قتادة وابن زيد وأكثر المفسرين: هى ليلة القدر، وقال عكرمة، وطائفة: إنها ليلة البراءة، وهى ليلة النصف من شعبان. واحتج الأولون بوجوه.
(الأول) قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ} فقوله تعالى {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ مُبَارَكَةٍ} يجب أن تكون هى تلك الليلة المسماة بليلة القدر، لئلا يلزم التناقض.
(ثانيها) قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فيهِ الْقُرآنُ} فقوله تعالى ها هنا: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ مُبَارَكَةٍ} يجب أن تكون هذه الليلة المباركة فى رمضان فثبت أنها ليلة القدر.
(ثالثها) قوله تعالى فى صفة ليلة القدر {تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} وقال تعالى ها هنا {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} وقال ها هنا {رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ} وقال تعالى فى ليلة القدر: {سَلامٌ هِىَ} وإذا تقاربت الأوصاف وجب القول بأن إحدى الليلتين هى الأخرى.
(رابعها) نقل محمد بن جرير الطبرى فى تفسيره عن قتادة أنه قال: نزلت صحف إبراهيم فى أول ليلة من رمضان، والتوراة لست ليال منه، والزبور لثنتى عشرة ليلة مضت منه، والقرآن لأربع وعشرين مضت من رمضان والليلة المباركة هى ليلة القدر. {107}
(خامسها) أن ليلة القدر إنما سميت بهذا الاسم، لأن قدرها وشرفها عند الله عظيم ومعلوم أن قدرها وشرفها ليس بسبب نفس الزمان، لأن الزمان