وظباء يتلون سفراً من الان ... جيل، باكرن، سحرة قربانا
لابسات من المسوح ثياباً ... جعل الله تحتها أغصانا
خفرات حتى إذا دارت الكأ ... س، كشفن النّحور والصلبانا
رقّ حتى حسبته خدّ من أب ... دلني من وصاله هجرانا
وللمعتمد:
يا طول ليلي بفم الصّلح ... أتبعت خسراني بالربح
لهفي على دهر لنا قد مضى ... بالقصر والقاطول والشلح
بالدير بالعلث ورهبانه ... بين الشعانين إلى الدّنح
وكان للمعتمد شعر جيد وشعر غير موزون، وربما قال الأبيات، فيصح بعضها ويفسد باقيها. وكان يعطيه المغنين، فيعملون عليه ألحانا، فيغيب عيبه في التقطيع والألحان، إلا على خاصة الناس.
قالت بدعة: كان المعتمد يوجه شعره إلى عريب لتصوغ له الألحان. فكانت تقول: ويلي! كم أغني في حروف ألف، با، تا، ثا؟ قال الصولي: أنشدني عبد الله بن المعتز من شعره الموزون:
الحمد لله ربي ... ملكت مالك قلبي
فصرت مولى لملكي ... وصار مولىً لحبي
ومن شعره، لما أكثر الموفق نقله، من مكان إلى مكان:
ألفت التباعد والغربه ... ففي كل يوم أطا تربه
وفي كلّ يوم أرى حادثاً ... يؤدي إلى كبدي كربه
أمرّ الزمان لنا طعمه ... فما إن نرى ساعةً عذبه
وهذا شعر جيد صحيح في معناه.
ومن شعره الموزون:
بُليت بشادن كالبدر حسناً ... يعذّبني بأنواع الجفاء
ولي عينان دمعهما غزيرٌ ... ونومهما أقلّ من الوفاء
وذكر الصولي، إن المكتفي أخرج إليهم مدارج مكتوبة بالذهب من شعر المعتمد. فكان فيها من الموزون:
طال والله عذابي ... واهتمامي واكتئابي
بغزال من بني الأص ... فر لا يعنيه ما بي
أنا مغرىً بهواه ... وهو مغرىً باجتنابي
وإذا ما قلت: صلني ... كان لا منه جوابي
وكان فيها أيضاً:
عجّل الحبّ بفرقه ... فبقلبي منه حرقه
مالكٌ بالحبّ رقي ... وأنا ملك رقّه
إنما يستروح الصبّ ... إذا أظهر عشقه
وللمعتمد، شعر غنت فيه شارية، في طريقة الرمل:
تأنّيت بالحب دهراً طويلاً ... فلم أر في الحب يوماً سرورا
ومما غنت فيه من شعره:
يا نفس، ويحك ما لك ... أني لأُنكر حالك
وله:
أصبحت لا أملك دفعاً لما ... أُسام من خسفٍ ومن ذلّه
تمضي أُمور الناس دوني ولا ... يشعر بي في ذكرها قلّه
إذا اشتهيت الشيء ولّوا به ... عني، وقالوا: ها هنا علّه
قال: طلب المعتمد ثلثمائة دينار، يصل بها عريباً، وقد حضرت عنده، فلم توجد! فطلب مائتي دينار، فلم توجد..! فبكى، وقال
أليس من العجائب أن مثلي ... يرى ما قلّ ممتنعاً عليه؟
وتؤخذ باسمه الدنيا جميعاً ... وما من ذاك شيءٌ في يديه!
إليه تُحمل الأموال طُراً ... ويمنع بعض ما يجبى إليه!
وكان، لما فوض الأمور إلى أخيه أبي أحمد، واستروح إلى كفايته للقيام بها، وتفريغه للهو والشرب واللعب، وترك النظر في شيء من أمر المملكة أو المسئلة عنه، طمع أبو أحمد، واستبد بالأمر، وغلب على المملكة. ورام المعتمد بعد ذلك تغيير الحال، فعزه وأعوزه وامتنع عليه وطمع الناس جميعاً فيه، إذ رأوه مغلوباً على أمره، ورأوا لا ضر ولا نفع في يده.