العثمانية شرعيتها في أنظار المسلمين.
113. إن النظرة الفاحصة في تاريخ الأمم واستقراء أحوالها تبين لنا أن التقليد بين أمة وأمة، وبين قوم وقوم يحدث بينهما من التشابه والتفاعل والانصهار، ما يضعف التمايز والاستقلال في الأمة المقلدة ويجعلها مهتزة الشخصية.
114. اقتضت سنة الله في خلقه أن الأمة الضعيفة المغلوبة تعجب بالأمة القوية المهيمنة الغالبة ومن ثم تقليدها فتكسب من أخلاقها وسلوكها وأساليب حياتها، إلى أن يصل الأمر إلى تقليدها في عقائدها وأفكارها وثقافتها وأدبها وفنونها، وبهذا تفقد الأمة المقلدة مقوماتها الذاتية وحضاراتها - إن كانت ذات حضارة - وتعيش عالة على غيرها.
115. تولى الحكم في الدولة العثمانية السلطان عبد العزيز ابن محمود الثاني عام 1277هـ وكانت الدول الأوربية عازمة على الضغط على الحكومة العثمانية للإستمرار في خطوات الإصلاح والنهوض المزعوم على النهج الغربي، والفكر الأوربي والمبادئ العلمانية وكان السلطان عبد العزيز يرفض الدساتير الغربية والعادات البعيدة عن البيئة الإسلامية وحاول النهوض بالمجتمع الإسلامي العثماني فدبرت مؤامرة لقتله بواسطة القناصل وممثلي الدول الأوروبية في العاصمة وقاموا بتنفيذها عن طريق عملائهم ممن تشربوا بأفكارهم من رجال الدولة وعلى رأسهم صنيعة الماسونية المدعو مدحت باشا.
116. تولى الحكم بعد السلطان عبد العزيز ابن أخيه مراد الخامس الذي كان منخرطاً في سلك الماسونية، وكان ميالاً إلى الدستور والليبرالية والعلمانية وكانت الحركة الماسونية هي التي دفعت به إلى السلطنة ولكنه أصيب باضطراب عقلي بعد أن أصابته الدهشة والفزع بسبب مقتل عمه عبد العزيز وظهرت عليه اضطرابات عصبية أثّرت علي جهازه الهضمي، وكانت صحته في تدهور مستمر، فكان لابد من خلعه وأعلن ذلك من قبل شيخ الإسلام.
117. تولى حكم الدولة العثمانية بعد مراد الخامس السلطان عبد الحميد الثاني في عام 1293هـ وضغط عليه من قبل مدحت باشا فأعلن الدستور، ومارس الوزراء استبدادهم واشتدت سياستهم التغريبية بقيادة جمعية العثمانيين الجدد والتي كانت تضم النخبة المثقفة التي تأثرت بالغرب وعندما حانت الفرصة للسلطان عبد الحميد