والثانية: القول بالمشروطية، لإحداث الفرقة بيننا أنفسنا واستطاعوا أن يجدوا من بيننا أنصاراً يستخدمونهم في كلا الغايتين، وبكل أسف كان على خبز العدو شيء من السمن. فلم يستطع بعض الشباب العثماني المثقف أن يفرق بين التطبيق السهل والحكم الدستوري في بلاد تتمتع بوحدة قومية، وبين تعذر هذا الحكم في الدول التي لاتتمتع بوحدة قومية (?).
كانت روسيا ترغب في الوصول الى المياه الدافئة بسبب عوامل دينية واقتصادية وجغرافية وقد نص (بطرس الأكبر) (1627 - 1725م) في وصيته للروس (في الفقرات التاسعة والحادية عشرة والثالثة عشرة) على ضرروة الصراع الحضاري ضد العثمانيين، الى أن تنتهي الدولة العثمانية من الوجود.
يقول (بطرس الأكبر) في الفقرة التاسعة من وصيته:
(نقترب من القسطنطينية والهند بقدر الإمكان فمن يملك القسطنطينية فقد ملك العالم. بناء على ذلك ينبغي ملازمة الحرب مع العثمانيين).
وفي الفقرة الحادية عشرة يقول: (نشارك النمسا فيما قصدناه من إخراج العثمانيين من أوروبا).
وفي الفقرة الثالثة عشرة يقول: (وبعد التسلط على الممالك العثمانية، نجمع جيوشنا وتدخل أساطيلنا بحر البلطيق والبحر الأسود ونشرع في التفاوض مع فرنسا ودولة النمسا في قسمة العالم بيننا) (?).
إن روسيا أهتمت بتلك الوصية وفي عصر السلطان عبد الحميد الثاني كثرت الثورات بدعم من روسيا والدول الأوروبية في البلقان واليونان وغيرها من الاقاليم العثمانية ولم تكتفي بذلك بل عملت على قيام دول نصرانية مستقلة مثل رومانيا، وبلغاريا والصرب واليونان وبعد أن حقق العثمانيون انتصارات رائعة في البلقان استعدت روسيا للحرب ثم أعلنتها حرب لاهوادة فيها ضد الدولة العثمانية وانضمت رومانيا الى روسيا ودخل العثمانيون في حرب طاحنة مع الروس، وعبرت الجيوش الروسية نهر الدانوب واستولت على