فلا حاجة للاستمداد من الكفار أو تقليدهم وواضح مايحدثه التقليد من خلل في شخصية المسلم، من الشعور بالنقص والصغار، والضعف والانهزامية، ثم البعد والعزوف عن منهج الله وشرعه، فقد أثبتت التجربة أن الأعجاب بالكفار وتقليدهم سبب لحبهم والثقة المطلقة بهم والولاء لهم والتنكر للاسلام ورجاله وابطاله وتراثه وقيمه وجهل ذلك كله وهذا ماحدث للدولة العثمانية وولاياتها التابعة لها في القرنين الماضيين، حين تخلوا عن رسالتهم وحين استسلموا لسلطان الغرب ونهلوا من سمه الزعاف (?).

إن الحكم الشرعي للتقليد يختلف باختلاف نوعه وكيفيته ومدى خطورته وأثره، كما يختلف باختلاف المقلِّد والمقلَّد، والعلاقة الشرعية بينهما، واعتقاد المقلِّد في تقليده لغير المسلمين. فيكون التقليد كفراً إذا كان في العقائد لأصول الإيمان وأصول العقيدة، أو الأحكام القطعية في الشريعة، أو مسائل الغيب الثابتة بالنص، وذلك كتقليد النصارى في عقيدة التثليث وتقليد الشيوعيين في إنكار النبوات والأديان.

وكتقليد الدول الكافرة في تعطيل حدود الله واعتقاد عدم صلاحية الشريعة الإسلامية للتطبيق، وغير ذلك.

ويكون التقليد فسقاً حين يكون في الأخلاق الفاسدة وارتكاب المنكرات والمعاصي كشرب المسكرات ونحوه.

ويكون حراماً مطلقاً، كموافقة الكفار في أعيادهم واحتفالاتهم وتقليدهم في ذلك.

ويكون مكروهاً كالتقليد غير المقصود ولا المتعمد في أمور الحياة العامة - إذا لم يمس العقيدة ولم يكن من خصائصهم وسماتهم.

وإذا خيف أن يؤدي التقليد إلى شيء من الأمور السابقة، - الكفر أو الفسوق أو الحرمة أو الكراهة - اتخذ الحكم ذاته، سداً للذريعة.

ويكون التقليد مباحاً بشروط وقيود، كالتقليد في الإنتاج المادي والعلوم الإنسانية والتجريبية البحتة، والتجارب العسكرية ونحوها، وذلك بعد صياغتها صياغة إسلامية وتنقيتها من شوائب (الجاهلية) وتجريدها من مصالح الكفار وبألاّ تتعارض مع المصالح الشرعية الدينية والدنيوية (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015