مصطفى صادق الرافعي يقول: (وإني أرى أنه لاينبغي لأهل الأقطار العربية أن يقتبسوا من عناصر المدنية الغربية اقتباس التقليد، بل أقتباس التحقيق، بعد أن يعطوا كل شيء حقه من التمحيص. فإن التقليد لايكون طبيعة إلا في الطبقات المنحطة!! على أننا لانريد من ذلك إلا نأخذ من القوم شيئاً، فإن الفرق بعيد بين الأخذ من زخرف المدينة وأهواء النفس، وفنون الخيال ورونق الخبيث) (?).

حسن البنا يقول: (من الحق أن نعرف أننا بعدنا عن هدى الاسلام وأصوله، وقواعده، والاسلام لايأبى أن نقتبس النافع، وأن نأخذ الحكمة أنىّ وجدناها ولكنه يأبى كل الإباء أن نتشبه في كل شيء بمن ليسوا من دين الله على شيء، وأن نطرح عقائده وفرائضه وحددوده وأحكامه، لنجري وراء قوم فتنتهم الدنيا واستهوتهم الشياطين) (?).

أبو الأعلى المودودي يقول: إن كان هناك شيء ينبغي ويستحق أن تأخذه أمة من الأمم الأخرى فإنما هو نتاج أبحاثها العلمية، وثمرات قواها الفكرية، ومعطياتها الاكتشافية ومناهجها العلمية التي تكون قد بلغت بها معارج الرقي في الدنيا. إن أي أمة في الأرض إذا كان في تاريخها أو في نظمها الاجتماعية أو في أخلاقها درس نافع، فمن الواجب أن نأخذه منها، ومن الواجب أن نستقصي أسباب رقيها وازدهارها بكل دقة وتمحيص، ونأخذ منها مانراه ملائماً لحاجتنا وظروفنا.

ولكننا إذا أعرضنا عن هذه الأمور الجوهرية ورحنا نأخذ من أمم الغرب ملابسها وطرقها للمعيشة وأدواتها للأكل والشرب، برغم أن فيها السر لنجاح تلك الأمم ورقيها فلا يكون ذلك إلا دليلاً على غباوتنا وبلادتنا وحماقتنا، فهل لأحد عنده العقل أن يعتقد أن كل ما أحرزه الغرب من التقدم والرقي في مختلف حقول الحياة، إنما أحرزه بالجاكيت والبنطلون وربطة العنق والقبعة والحذاء؟!

أو أن من أسباب رقيه وتقدمه أنه يتنالو طعامه بالسكين والشوكة؟ أو أن أدواته للزينة والرفاهية والمساحيق والمعاجين والأصباغ هي التي قد رسمت به الى أوج الرقي والكمال؟!!

فإن لم يكن الأمر كذلك - والظاهر انه ليس كذلك- فما للتقدميين المتشدقين بالإصلاح عندنا لايندفعون أو مايندفعون إلا بهذه المظاهر (?)؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015