المبحث الثاني
السلطان مراد الثالث
(982 - 1003هـ/ 1574 - 1594م)
تولى العرش بعد وفاة والده، اهتم بفنون العلم والأدب والشعر وكان يتقن اللغات الثلاثة التركية، والعربية والفارسية وكان يميل إلى علم التصوف اشتهر بالتقوى واهتم بالعلماء، صرف للجنود عطايا الجلوس ومقدارها (110.000) ليرة ذهبية، فمنع الاضطرابات التي كانت تحدث عادة إذا تأخر صرف تلك الهبات (?).
وكان من أول أعماله أن أصدر أمر بمنع شرب الخمور بعد ما شاعت بين الناس وأفرط فيها الجنود وخصوصاً الانكشارية، فثار الانكشاريون واضطروه لرفع أمره بالمنع وهذا يدل على ظهور علامات ضعف الدولة بحيث السلطان لايستطيع منع الخمور وإقامة أحكام الشرع عليهم وكذلك يدل على إنحراف الانكشارية عن خطها الإسلامي الأصيل من التربية الرفيعة، وحبها للجهاد وشوقها للشهادة (?).
عمل السلطان مراد الثالث على تنفيذ السياسة التي انتهجها والده من قبل، ففي عهده قام بعدة حروب في أماكن مختلفة. ففي عام (982هـ/1574م) هرب ملك بولونيا هنري دي فالوا وذهب إلى فرنسا، فأوصى الخليفة العثماني أعيان بولونيا بانتخاب أمير ترانسلفانيا ملكاً عليهم، ففعلوا، وصارت بولونيا (بولندا) فعلاً تحت حماية العثمانيين عام (983هـ/1575م) واعترفت النمسا بذلك في معاهدة الصلح التي أبرمتها مع الدولة العثمانية عام
(984هـ/ 1576م) ومدتها ثماني سنوات، وهاجم التتار على حدود بولونيا عام (984هـ/1576م) فاستنجدت بالسلطان العثماني فأعلن حمايتها بمعاهدة رسمية (?) وجدد السلطان مراد الامتيازات مع فرنسا والبندقية وزاد بعض الامتيازات القنصلية