المسيحي في ليبانتو 1571 كان إشارة لتحضير حاسم في ميزان القوة البحرية في البحر المتوسط، كما أنه أنهى عصراً من عصور العمليات البحرية الطموحة في البحر المتوسط، والتي تكاليفها باهظة (?).

لم يعد يفكر العثمانيون بعد تلك الهزيمة في إضافة حلقة أخرى إلى سلسلة أمجادهم البحرية (?)، إذا كان هذا الإنكسار نقطة البداية نحو توقف عصر الإزدهار لقوة الدولة البحرية (?).

سابعاً: ظهور أطماع فرنسا في الشمال الأفريقي:

كانت معركة ليبانتو فرصة مواتية لإظهار طمع فرنسا نحو المغرب الإسلامي، إذ بمجرد انتشار خبر هزيمة الأسطول العثماني في تلك المعركة قدم ملك فرنسا شارل التاسع مشروعاً إلى السلطان العثماني (980هـ / 1572م)، وذلك بواسطة سفيره باسطنبول، يتضمن طلب الترخيص لحكومته في بسط نفوذها على الجزائر، بدعوة الدفاع عن حمى الإسلام والمسلمين بها وأن فرنسا مستعدة في مقابل ذلك دفع مغرم للباب العالي، فأعرض السلطان عن السفير الفرنسي ولم يهتم به، ومع ذلك أوغلت فرنسا طموحها وألحت على طلبها وسلكت للتوصل إلى هدفها مسالك دبلوماسية عديدة، حتى تحصلت على امتيازات خاصة، في السقالة وأماكن أخرى على الساحل الجزائري وتصريح من السلطان بإقامة مراكز تجارية (?).

ثامناً: إعادة بناء الأسطول العثماني:

قبل القبودان باشا قلج علي، بهمة ونشاط متزايد، على تجديد الأسطول العثماني، وتعويض ما فقد منه، وما حل صيف 980هـ/ 1572م، حتى قد هيأ مائتان وخمسون سفينة جديدة، وخرج قلج علي بأسطوله في البحر وارتاعت البندقية من هذا الاستعداد البحري، فطلبت الصلح من الدولة العثمانية بشروط مخزية إذ تنازلت لها عن جزيرة قبرص، كما دفعت غرامة حربية قدرها ثلاثمائة ألف دوكه (?)، ولكن هذا النشاط كان من قبيل اليقظة التي تسبق فترة الاحتضار البحري ذلك لأن الدولة انصرفت إلى حروب متواصلة، نشبت بينها وبين النمسا وحليفاتها من جهة، وبينها وبين فارس من جهة أخرى كما أنها انشغلت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015