احتفلت القارة الأوربية بنصر ليبانتو، فلأول مرة منذ أوائل القرن الخامس عشر تحل الهزيمة بالعثمانيين (?) فهلل الأوروبيون وكبروا لذلك الانتصار وأقيمت معالم الزينات في كل مكان وأفرطت في التسبيح بحمد دون جون أمير الأساطيل المتحدة الذي أحرز هذا الانتصار، إلى حد أن البابا لم يتورع عن القول أثناء الاحتفال في كنيسة القديس بطرس، بمناسبة هذا النصر (إن الإنجيل قد عنى دون جون نفسه، حيث بشر بمجيء رجل من الله يدعى حنا) وظل العالم المسيحي ومؤرخوه ينوهون بهذا النصر البحري، حتى أن القواميس المدرسية الحديثة لاتذكر ثغر ليبانت، إلا وتذكر معه دون جون المشار إليه على اعتبار أنه أنقذ المسيحية من خطر كان يحيق بها (?).
لقد فرح البابا فرحاً عظيماً على الرغم من عدم ارتياحه لأنَّ عدوه لايزال عظيماً مرهوب الجانب وحاول إثارة شكوك الشيعة الأثنى عشرية الصفوية ضد العثمانيين مستغلاً بعض الضغائن والمشكلات والاختلاف العقائدي، فأرسل إلى الشاه طهماسب ملك العجم ومن جملة ماقال له: " .. لن تجد أبداً فرصة أحسن من هذه الفرصة لأجل الهجوم على العثمانيين، إذ هم عرضة للهجوم من جميع الجهات ... " (?).
وأرسل يستعدي ملك الحبشة وإمام اليمن على الدولة العثمانية ولكن المنية عاجلته (?).
إن نتيجة معركة ليبانتو، كانت مخيبة لآمال العثمانيين، فقد زال خطر السيادة العثمانية في البحر المتوسط ومع زوال الخطر، زال الخوف الذي كان قوياً، للمحافظة على حلف مقدسي دائم و استعاد الحسد والغيرة نشاطه بين الدول المسيحية (?).
إن أهمية ليبانتو كانت عظيمة وأسطورة عدم قهر العثمانيين قد اختفت ولم تعد للوجود ثانية على أقل تقدير في البحر، وأزيح ذلك الخوف عن قلوب حكام إيطاليا، واسبانيا، وتزعزع تأثير الدولة العثمانية على سياسة القوى الغربية لأوروبا، إذ كانت من الحقيقة القوات العثمانية هائلة في كل المجال البري، والمجال البحري (?)، كما أن الانتصار