العلماء الراسخين.
إن الشريعة الاسلامية الغراء التي سار عليها السلاطين العثمانيون ذمت البدع.
قال تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} (سورة الانعام: الآية 153).
وقال تعالى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم الى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون} (سورة الانعام: آية 159).
قال ابن عطية: (هذه الآية تعمّ أهل الأهواء والبدع والشذوذ في الفروع، وغير ذلك من أهل التعمق في الجدال والخوض في الكلام. هذه كلها عرضة للزّلل، ومظنة لسوء المعتقد) (?).
وفي الحديث الشريف قال - صلى الله عليه وسلم -: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) (?).
وفي الصحيح عن حذيفة أنه قال: يارسول الله: هل بعد هذا الخير شر؟
قال: (نعم؛ قوم يستنُّون بغير سنتي، ويهتدون بغير هديي).
قال: قلت: هل بعد ذلك الشرِّ شرُّ؟
قال: (نعم؛ دعاة على نار جهنم، من أجابهم قذفوه فيها).
قلت: يارسول الله: صِفْهم لنا.
قال: (نعم؛ هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا).
قلت: فما تأمرني إن أدركت ذلك؟
قال: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم).
قلت: فإن لم يكن إمام ولا جماعة؟
قال: (فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعضَّ بأصل شجرة حتى يدرك الموت وأنت على ذلك) (?).
وعن ابي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: (لست تاركاً شيئاً كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمل به إلا عملت به، إني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ) (?).
إن الابتعاد عن المبتدعة ومحاربتهم من صميم الدين، لأن المبتدع:
- لايقبل منه عمل، وينزع منه التوفيق، وملعون على لسان الشريعة، ويزداد من الله بعداً، مانعة من شفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة، مظنة العداوة والبغضاء بين أهل الاسلام، رافع للسنن، يلقى عليه الذل في الدنيا والآخرة، ويخاف عليه من سوء الخاتمة، ويسود وجهه في الآخرة، ويخشى عليه من الفتنة) (?).
ولذلك كانت وصية السلطان محمد -رحمه الله- لمن بعده (جانب البدع المفسدة وباعد الذين يحرضونك عليها).
7 - وسع رقعة البلاد بالجهاد:
إن السلاطين العثمانيين الأوائل قاموا بتوسيع رقعة الدولة بالجهاد وبسطوا الامن وقمعوا الاخطار التي هددت دولتهم، وعملوا على تحصين الثغور بالعدة المانعة والقوة الدافعة حتى لا يستطيع الاعداء أن يظفروا بثغرة أو ينتهكوا محرماً ويسفكوا دماً مسلماً أو معاهداً، وعمل السلطان محمد ومن قبله على إعداد الأمة إعداداً جهادياً وقام بواجبه في جهاد الكفرة المعاندين للاسلام حتى يسلموا أو يدخلوا في ذمة المسلمين ولقد صبغ المجتمع العثماني بالصبغة الاسلامية الجهادية الدعوية وكان أفراد الجيش يعدون للحياة الجهادية العنيفة، منذ نعومة أظافرهم، إعداداً دقيقاً، كاملاً ولقد حققت الجيوش العثمانية انتصارات رفيعة في الساحات الأوروبية (?)، لقد (حققت الدولة العثمانية الى عهد سليمان القانوني آمالاً عظيمة كان يستهدفها المسلمون منذ تسعة قرون برفع الراية المحمدية على قلاع كثير من العواصم الكبرى في أوروبا وإخضاع كثير من المماليك والامارات للحكومة الاسلامية وأخذ ظل الاسلام يمتد حتى أوشكت جيوش المسلمين في شرق أوروبا وغربها أن تلتقي في الأرض الكبيرة) (?).
ومن المؤتمر السابع لوزراء خارجية الدول الاسلامية في استنابول ألقي المجاهد البروفسور المهندس نجم الدين أربكان خطاباً استرجع فيه صدى الماضي الاسلامي الذي مثلته الدولة العثمانية فقال: ( ... إن هذا القصر الذي شاء الله أن يعقد فيه هذا المؤتمر الاسلامي الكبير وقد نقشت على بابه كلمة الاسلام الجامعة: "لا إله إلا الله" .. هو قصر السلطان محمد الفاتح الذي بناه عقب فتح استنبول .. كيف لايكون هذا المكان تاريخياً ومنه كانت تدبر شؤون العالم الاسلامي ردحاً من الزمن؟ وكيف لايكون لتاريخنا ومنه كانت تنطلق جيوش المسلمين الى جميع أنحاء الدنيا، مجاهدة في سبيل الله، تنشر النور والهداية والعدل أينما حلت وحيثما ضربت .. كيف لايكون تاريخياً وفوق هذا الحجر الذي يرتكز عليه الميكرفون كانت تنصب رايات الجيوش الاسلامية، المنطلقة للذب عن ديار المسلمين جميعاً .. وأذكر على سبيل المثال لا الحصر: أن قرار إرسال الاسطول الاسلامي للحيلولة دون وقوع كل من أندونيسيا والفلبين في براثن الاستعمار الهولندي اتخذ من هذا المكان، وفيه أيضاً اتخذت قرارات إرسال الجيوش والأساطيل الاسلامية لحماية شمال أفريقيا من الغزاة الطامعين.