ز ـ توضيح المبهم: ومن طرق التفسير التي اتبعها التابعون ـ أيضاً ـ إيضاح مبهم آية بآية أخرى لإزالة الإبهام (?)، ومن ذلك ما قام به عكرمة من رفع الإبهام الواقع في لفظه ((الحين)) استدل بالآية التي تبين أن المراد منه سنة فعنه أنه قال: أرسل إليّ عمر بن عبد العزيز فقال: يا مولى ابن عباس: إني حلفت أن لا أفعل كذا وكذا حيناً، فما الحين الذي تعرف به؟ قلت: إن من الحين حيناً لا يدرك، ومن الحين حين يدرك، وأما الحين الذي لا يدرك فقول الله: ((هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا)) (الإنسان، الآية: 1). والله ما يدري كم أتى له إلى أن خلق، وأما الذي يدرك فقوله: ((تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا)) (إبراهيم، الآية: 25). فهو ما بين العام إلى العام المقبل، فقال: أصبت يا مولى ابن عباس، ما أحسن ما قلت (?).
س ـ بيان معنى (لفظ)، أو إيضاح مشكلة: وقد كثر هذا النوع في تفسير التابعين فصاروا يتناولون آيات القرآن بالتفسير بآيات أخرى تبين هذا المعنى، وتلكم الألفاظ (?)، ومثال ذلك كتفسير الحسن البصري ((يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ)) (النازعات، الآية: 6). قال: النفختان، أما الأولى فتميت الأحياء، وأما الثانية فتحي الموتى ثم تلا الحسن: ((وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (?)) (الزمر، الآية: 68). والأمثلة كثيرة على تفسير التابعين للقرآن بالقرآن، ومن أراد المزيد فليراجع تفسير التابعين (?).
2 ـ تفسير القرآن بالسنة: لا شك أن السنة مبينة للقرآن موضحة له قال الشاطبي: وهي راجعة في معناها إلى الكتاب، فهي تفصيل مجمله وبيان مشكله، وبسط مختصره (?)، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو أعلم بكلام الله وأكثر قدرة على فهم نصوص الآيات من غيره مع ما أوحاه الله تعالى من المعاني، فهو صلى الله عليه وسلم: ((وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)) (النجم، الآية: 3)، وقال صلى الله عليه وسلم: ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه (?). يقول ابن تيمية: فإن قال قائل، فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب أن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن ... إلى أن يقول ـ فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن، قال تعالى: ((إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا)) (النساء، الآية: 105). وقال تعالى: ((وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) (النحل، الآية: 44). وقال تعالى: ((وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ))