ج ـ الدلالة على التفسير بالسياق: وفي هذا النوع يلحظ المفسّر منهم سياق الآية فيربطها بما قبلها، أو بما بعدها سواء كان ذلك في الآية نفسها، أو في مجموعة من الآيات (?)، مثل تفسير قوله تعالى: ((وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ)) (الأنعام، الآية: 83). قال مجاهد في تفسيرها: هي ((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ (?)) (الأنعام، الآية: 82).
ح ـ بيان المجمل: وفي هذا الطريق يقوم المفسر بالنظر في آيات القرآن التي فيها إجمال، وينظر في الآيات الأخرى التي يمكن أن تكون بياناً لهذا الإجمال، كحمل المجمل على المبين ومن ذلك ما ورد عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: ((خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا)) (نوح، الآية: 14): قال: من تراب، ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم ما ذكر حتى يتم خلقه (?). فأشار بقوله إلى الآيات التي فيها ذكر ذلك مثل قوله تعالى: ((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)) (المؤمنون، الآيات 12، 14).
خ ـ تفسير العام بالخاص: وفي هذا يعمد المفسر منهم إلى آية ظاهرها العموم فيحملها على معنى آخر ذكرت فرداً من أفراد العموم (?)، كقوله تعالى: ((مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ)) (النساء، الآية: 123). قال الحسن البصري: الكافر ثم قرأ: ((وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ)) قال: من الكفار (?). وفي رواية عنه قال: (وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ)) يعني الكفار، لا يعني بذلك أهل الصلاة (?). فالآية الأولى جاء فيها العموم في لفظة ((من)) ليعم المؤمن والكافر، فجاء الحسن فبين أنها خاصة بالكافر مستدلاً بأسلوب الحصر في الآية الثانية (?). وأصرح من ذلك ما جاء عنه في تفسير الآية نفسها أنه قال: ((مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ)) (النساء، الآية: 123) إنما ذلك لمن أراد الله هوانه، فأما من أراد كرامته، فإنه من أهل الجنة ((وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ)) (الأحقاف، الآية: 16 (?).
ر ـ التفسير باللازم: المراد بالتفسير باللازم أن المفسر لا يذكر صراحة تفسيراً للآية التي هو بصددها، بل يذكر شيئاً من لوازم ذلك، ويربطه بآية أخرى، فمن ذلك ما جاء عن سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى: ((إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)) (البقرة، الآية 156)، فقد قال: لو أعطيها أحد لأعطيها يعقوب، ألم تسمع: ((يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ (?)) (يوسف، الآية: 84). أنه لم يكن يعرف ((إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ))، وإلا لقالها، بدلاً من تأسفه على ذهاب يوسف (?).