كانوا يضعون من طعامهم فيعطيهم أكثر من ذلك ويأكل معهم، فإن أبوا أن يقبلوا ذلك منه لم يأكل منه (?).

20 ـ عمر والشعراء:

20 ـ عمر والشعراء: لما استخلف عمر بن عبد العزيز وفد الشعراء إليه فأقاموا ببابه أياماً لا يؤذن لهم، فبينما هم كذلك وقد أزمعوا على الرحيل إذ مر بهم رجاء بن حيوة ـ وكان من خطباء أهل الشام ـ فلما رآه جرير داخلاً على عمر أنشأ يقول:

يا أيها الرجل المرخي عمامته ... هذا زمانك فاستأذن لنا عمرا

قال: فدخل ولم يذكر من أمرهم شيئاً، ثم مرّ بهم عدي بن أرطأة، فقال له جرير:

يا أيها الرجل المرخي مطيته ... هذا زمانك إني قد مضى زمني

أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه ... أنَّي لدى الباب كالمصفود في قرن

لا تنس حاجتنا لقّيت مغفرة ... قد طال مكثي عن أهلي وعن وطني

فدخل عدي على عمر، فقال: يا أمير المؤمنين، الشعراء ببابك وسهامهم مسمومة وأقوالهم نافذة، قال: ويحك يا عدي مالي وللشعراء، قال: أعز الله أمير المؤمنين، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة، قال: كيف؟ قال: امتدحه العباس بن مرداس السلمي فأعطاه حلة قطع بها لسانه، قال: أو تروي من قوله شيئاً؟ قال: نعم، فأنشده يقول:

رأيتك يا خير البرية كلها ... نشرت كتاباً جاء بالحق معلماً

شرعت لنا دين الهدى بعد جورنا ... عن الحق لما أصبح الحق مظلماً

ونورت بالتبيان أمراًَ مدلساً ... وأطفأت بالقرآن ناراً تضرماً

قال: ويحك يا عدي، من بالباب منهم، فذكر له أسماء الشعراء، عمر بن عبد الله بن ربيعة، والفرزدق، والأخطل وجرير، فرد الجميع إلا جرير فسمح له بالدخول، فدخل جرير وهو يقول:

إن الذي بعث النبي محمداً ... جعل الخلافة للإمام العادل

وسع الخلائق عدله ووفاؤه ... حتى أرعوى فأقام ميل المائل

إني لأرجو منك خيراً عاجلاً ... والنفس مولعة بحب العاجل

فلما مثل بين يديه قال: ويحك يا جرير، اتق الله ولا تقل إلا حقاً (?)، نشأ جرير يقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015