قومي، فقال: ذاك ما لنا عند الرجل. فأنصرف عبد الله، فما كان عمر رضي الله عنه الأب المربي، إلا أن اتخذ موقفاً وسطاً مقنعاً، فجمع بين إجابة طلب ولده، وأنه لا يتوفر كل مطلوب أو مرغوب دائماً: فناداه قبل أن ينصرف وقال له مخيراً إياه: هل لك أن أسلفك من عطائك مئة درهم؟ قال: نعم يا أبتاه: فأسلفه مائة درهم فلما خرج عطاؤه حُوسب بها فأخذت منه (?)، ومما يروى أيضاً في حسن إجابته لأولاده وإقناعهم، أن ابنة له بعثت إليه بلؤلؤة وقالت له: إن رأيت أن تبعث لي بأخت لها، حتى أجعلها في أذني فلم يرد عليها بالإجابة ولا بالرفض، وإنما الأمر مرتبط بصبرها على الجمر، إذ أرسل لها بجمرتين وقال لها: إن استطعت أن تجعلي هاتين الجمرتين في إذنيك بعثت إليك بأخت لها (?)، فكان جواب مقنع لها (?).

5 ـ حرصه على العدل بينهم:

وما يذكر من حسن معاملته رحمه الله لأولاده، حرصه على العدل بينهم مع كثرتهم، حتى لا يحقد أحدهم على الآخر أو يبغضه، فقد تحرى رحمه الله العدل حتى إيثاره لابن الحارثية أن ينام معه، إذ تركه خشية أن يكون جوراً (?)، وفي هذا الصدد يروى عن عبد العزيز ابن عمر بن عبد العزيز قوله: كان عمر بن عبد العزيز له ابن من امرأة من بلحارث بن كعب، وكان يحبه وينام في بيته، قال: فتعرضت له ذات ليلة، فقال: أعبد العزيز؟ قلت: نعم. قال: شرٌ ما جاء بك؟ ادخل، فجلست عند شاذكونته (?)، وهو يصلي .. فأتاني فقال: مالك؟ فقلت: ليس أحد أعلم بولد الرجل منه، وإنك تصنع بابن الحارثية ما لا تصنع بنا، فلست آمن أن يقال ما هذا إلا من شيء تراه عنده ولا تراه عندنا. فقال: أعلمك هذا أحد؟ فقلت: لا. قال: فأعد عليّ. فأعدت عليه. فقال: أرجع إلي بيتك. فرجعت، فكنت أنا وإبراهيم وعاصم وعبد الله ـ وهم من أخوانه ـ نبيت جميعاًُ فإذا نحن بفراش يحمل وتبعه ابن الحارثية ـ وهو أخوهم ـ فقلنا: ما شأنك؟ قال: شأني ما صنعت بي، قال: كأنه خشي أن يكون جوراً (?).

6 ـ تنمية الأخلاق الفاضلة عندهم:

6 ـ تنمية الأخلاق الفاضلة عندهم: كان يحرص على تنمية الأخلاق الفاضلة عند أولاده ويتحين الفرص لتحقيق ذلك ما استطاع، ففي سياق رسالته رحمه الله إلى ولده عبد الملك، وهو في المدينة ينهاه عن التفاخر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015