ج ـ المشيئة: والمقصود لها: أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وأنه لا حركة ولا سكون في السماوات والأرض إلا بمشيئته سبحانه وتعالى فلا يكون في ملكه إلا ما يريد، وقد حرص عمر بن عبد العزيز على توضيح هذه المرتبة والرد على من أنكرها ففي رسالته إلى عامله يقول: وما يقدر يكن وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. وكان يقول: لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس (?)، وناظر غيلان الدمشقي وأفحمه حين بين له خطأ، في الإحتجاج بأوائل الآيات من سورة الإنسان فطلب منه أن يقرأ آخر السورة وقال له: ويحك أما تسمع الله يقول: ((وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ)). وقال تعالى: ((مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)) (الأنعام، آية:) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفها كيف يشاء. ثم قال: يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك (?).
س ـ الخلق: المقصود بها: إن الله تعالى هو خالق الخلق وخالق كل شيء، فهو الذي خلق الكون وأوجده، فهو الخالق وما سواه مربوب مخلوق (?)، ولعمر بن عبد العزيز في تقرير هذه المرتبة أبلغ البيان، فقد كتب في قوله تعالى: ((وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ)) (هود، الآيتان: 118 ـ 119). قال: الذين لا يختلفون خلقهم لله للرحمة (?). فهذه الآية تضمن خلق العباد وأعمالهم (?)، ولذلك قال تعالى: ((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ .. )) (هود، الآيتان: 118 ـ 119). وكتب إلي عدي بن أرطأة أما بعد: فإن استعمالك سعد بن مسعود على عمان من الخطايا التي قدر الله عليك وقدر أن تبتلي بها (?)، وهذا الذي قررّه عمر بن عبد العزيز دلّ عليه الكتاب والسنة، قال تعالى: ((اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)) (الزمر، الآية: 6) وقال: ((وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)) (الصافات، الآية: 96) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس (?).
قيل المراد بالقدر: التقدير، وبالقضاء الخلق، كقوله تعالى: ((فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ)) (فصلت، الآية: 12). أي خلقهن في القضاء والقدر أمران متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر لأن أحدهما بمنزلة الأساس، وهو القدر والآخر بمنزلة البناء وهو القضاء، فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه (?). وقيل: إن القضاء هو العلم السابق الذي حكم الله به في الأزل،