من يعظمه أو يخصه بسلام من بين الجالسين، ويتأبى أن يتميز على الناس بمركب، أو مأكل، أو ملبس، أو مشرب (?).
4 ـ ورعه: من صفات أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز الورع، والورع هو الإمساك عما قد يضر، فتدخل المحرمات والشبهات لأنها قد تضر، فإنه من اتقى الشبهات إستبرأ لعرضه ودينه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي حول الحمى يوشك أن يواقعه (?)، والورع في الأصل الكف عن المحارم والتحرج منها، ثم استعير للكف عن الحلال المباح (?). وللدلالة على ما كان يتصف به عمر من الورع، وتحري السلامة من الشبهات، فقد روي أنه كان: يعجبه أن يتأدم بالعسل، فطلب من أهله يوماً عسلاً فلم يكن عنده، فأتوه بعد ذلك بالعسل، فأكل منه، فأعجبه، فقال لأهله: من أين لكم هذا؟ قالت امرأته بعثت مولاي بدينارين على بغل البريد، فاشتراه لي، فقال: أقسمت عليك لما أتيتني به، فأتته بُعكَّة (?)، فيها عسل، فباعها بثمن يزيد على الدينارين، ورد عليها مالها وألقى بقيته في بيت مال المسلمين وقال: انصبت دواب المسلمين في شهوة عمر (?). ومن ورعه أنه: كان له غلام يأتيه بقمقم (?)، من ماء مسخن، يتوضأ منه، فقال للغلام يوماً: أتذهب بهذا القمقم إلى مطبخ المسلمين، فتجعله عنده، حتى يسخن، ثم تأتي به؟ قال: نعم أصلحك الله، قال: أفسدته علينا، قال: أفسدته علينا، قال: فأمر مزاحماً أن يغلي ذلك القمقم، ثم ينظر ما يدخل فيه من الحطب ثم يحسب تلك الأيام، التي كان يغليه فيها، فيجعله حطباً في المطبخ (?). ومن أمثلة ورعه كان لا يقبل أي هدية من عماله أو من أهل الذمة خوفاً من أن يكون ذلك من باب الرشوة، فعن عمرو بن مهاجر قال: اشتهى عمر بن عبد العزيز تفاحاً فقال: لو كانت لنا أو عندنا ـ شيء من التفاح، فإنه طيب الريح طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً، فلما جاء به الرسول، قال عمر: ما أطيب ريحه وأحسنه، ارفعه يا غلام، فأقرئ فلاناً السلام وقل له: إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب، فقلت يا أمير المؤمنين ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة قال: ويحك؟ إن الهدية كانت للنبي هدية وهي لنا اليوم رشوة (?)، ومن ورعه أنه كان لا يرى لنفسه أن تشم رائحة مسك أتته من أموال المسلمين،