فأحسن جوائزهم فساروا فقدموا بما بعث به، فقبل قتيبة الجزية، وختم الغلمان وردهم، ووطئ التراب (?)، وهكذا انتهت هذه المرحلة من فتوحات قتيبة، التي طوى فيها أقاليم ماوراء جيحون، ثم عبر نهر سيحون، وفتح فرغانة والشاش، وأشروسنه، وكاشغر، وفرض سيادة الإسلام على ملك الصين، وجعل كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، وكان قتيبة قائداً عسكرياً فذا، وبطلاً سياسياً بارعاً، قهر الصعاب وتغلب على كل المشاكل التي واجهته، ولم يثنه عن عزمه لا صعوبة الطرق ووعورتها ولا قسوة المناخ وشدته، فقد كان عزمه حديداً، وكان هدفه رشيداً، وغايته عظيمة، والعون من الله مكفول للمخلصين لهذا الدين العظيم (?)

1 ـ جهود قتيبة في نشر الإسلام:

كان قتيبة ومن معه من الفاتحين يحرصون على دعوة الناس للإسلام, وإخراجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام, فكان قتيبة يهتم ببناء المساجد في المدن والقرى والأرياف ويصنع فيها العلماء والفقهاء لتربية الناس وتعليمهم الإسلام وقام بتسكين المسلمين بين السكان الأصليين, ليطلعوا على تعاليم الإسلام وعادات المسلمين واخلاقهم عن طريق الاحتكاك بهم, مثل ما حدث مع أهل بخارى (?) فأظهر الإسلام بهذه الطريقة, وازال آثار الكفر ورسم المجوسية وبني ببخارى المسجد الجامع وأمر المسلمين باداء صلاة الجمعة فيه, ومن اساليب قتيبة في ترغيب الناس في الدخول في الإسلام, كان يأمر بمنادٍ كل يوم يقول: بأن كل من يأتي لصلاة الجمعة يعطى درهمين (?) , ويعد هذا العمل طريقة جديدة في ذلك العهد في تأليف قلوب الناس للإسلام والحفاظ على الذين اعتنقوه (?) , وكان في جيشه مجموعة من العلماء, كمحمد بن واسع, والقاضي يحي بن يعمر والضحاك بن مزاحم صاحب التفسير فقد ساهم أمثال هؤلاء في نشر الإسلام وكان محمد بن واسع ينافس قتيبة في بناء المساجد وقد صاحب عمليه انتشار الإسلام بين سكان ما وراء النهر سرعة تعلمهم اللغة العربية, حيث كان قتيبة يصدر أوامره ببناء المساجد ولم تكن تقتصر على اقامة شعائر الصلاة فقط وإنما فيها حلقات الدرس في تعليم القران الكريم والأحاديث النبوية الشريعة, وكان للمسجد والعلماء الذين أشرفوا عليها دور عظيم في تعليم السكان اللغة العربية (?) , وقد قال ابن كثير عن قتيبة: انه ما انكسرت له راية وكان من المجاهدين في سبيل الله واجتمع له من العسكر مالم يجتمع لغيره (?). وكان من نتائج الجهود التي بذلها قتيبة في نشر الإسلام, أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015