الذي مضى على وجوده في البعوث ما يقارب أربع سنين، لذلك أرسل الوليد رسولاً ثانياً، فوصل الرسول الأندلس وموسى في مدينة لَكْ بحُليقية يُوجَّهُ السرايا والبعوث التي بلغت صخرة بلاك التي تقع في الشمال الغربي على البحر الأخضر ـ خليج بسكاي ـ من المحيط الأطلسي، فاستجاب موسى إلى الرسول وعاد إلى طليطلة ثم غادرها إلى قرطبة ومنها إلى أشبيلية حيث استخلف فيها ولده عبد العزيز والياً واتخذ منها عاصمة للبلاد، ولكن أشبيلية لم تمكث طويلاً عاصمة للبلاد وإنما استعيض عنها بقرطبة منذ عام 97هـ وظلت قرطبة مركز الديار الأندلسية حتى نهاية عهد الخلافة في الأندلس (?)، ويبدو أن موسى اختار اشبيلية عاصمة في هذه المرحلة من تاريخ الأندلس لوقوع اشبيلية في منطقة تتساوى عندها احتمالات الخطر والسلامة، وواجبات الحفاظ على البلاد وحمايتها، فهي لم تخرج إلى الأطراف بعيداً عن الوسط، ولم تقترب من خطوط المواجهة مع الأعداء بعيداً عن بلاد المغرب وإمداداتها (?).

9 ـ رجوع موسى إلى عاصمة الخلافة دمشق:

غادر ركب موسى وطارق بن زياد الأندلس في ذي الحجة عام 95هـ يحمل معه الأسرى والغنائم الوفيرة والهدايا الثمينة وغيرها من الكنوز، فلما بلغ طنجة ترك ابنه عبد الملك فيها حاكماً، ثم انصرف منها إلى القيروان فأقرّ ابنه عبد الله الذي كان قد استخلفه في أثناء غيابه في الأندلس (?)، ثم سار من هناك يريد دمشق فوصلها في عام 96هـ قبل وفاة الوليد وقيل إن سليمان بن عبد الملك بعث إلى موسى بن نصير أن لا يدخل دمشق يريد أن ينتظر وفاة أخيه الوليد بن عبد الملك ثم يدخلها، فتكون علامات الفتح ودلائل النصر من الأسرى والغنائم والهدايا فاتحة عهده فيعظم مقامه عند الناس ولكن موسى خالف سليمان ودخل، فلما ولى سليمان الخلافة حقد على موسى وعزله وحبسه وأغرمه أموالاً كثيرة (?)، ويبدو أن تدخل يزيد بن المهلب وعمر بن عبد العزيز لصالح موسى، لدى سليمان بن عبد الملك أثمر عن رضا سليمان عن موسى وأصبح فيما بعد عظيم المنزلة، وكان سليمان يستشيره في بعض الأمور العسكرية، كما هو الحال في الخطة العسكرية الواجب إتباعها في سير الحملة المتجهة إلى القسطنطينية كما أن سليمان كان يخرج إلى بعض أمواله متنزهاً وبرفقته موسى بن نصير (?)، ويبدو أن سعة البلاد التي صارت إلى نظر موسى وتحت سلطانه وكانت تمتد من غرب مصر إلى جنوب فرنسا، وقيام موسى بتوزيع الحكم فيها على أبنائه، كان مما يثير الشكوك في نفوس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015