لموسى: خضها بالسرايا حتى ترى وتختبر شأنها، ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال (?). ولما لفت موسى نظر الخليفة إلى سهولة عملية الإبحار والإنزال أصر الخليفة قائلاً: وإن كان، فلابد من اختباره بالسرايا قبل اقتحامه (?). وذلك يدل على مدى حرص الخليفة على التأكد من نجاح العملية وسلامتها وتأمين الفوز للمسلمين بدل أن يغرر بهم في بحر شديد الأهوال. وهذا الأسلوب المتكرر في الاختبار والحيطة قبل الإنزال والاقتحام سهّل عملية الفتح إلى حد كبير وأعان المسلمين في مواجهتهم الحاسمة للعدو، إذ أمّن لهم عملية ((المباغتة)) لعدو لم يكن ينتظر مثل هذه المفاجأة أبداً (?).
خ ـ أسلوب المباغتة: إن الأسلوب الذي اتبعه طارق في إيصال المسلمين إلى ساحل الأندلسي منفذاً تعليمات الخليفة، كان أسلوباً بارعاً إلى حد كبير، فهو لم يبحر بالمسلمين دفعة واحدة بل أبحر بهم على دفعات متتالية وفي مراكب تجارية، وما أن التأم شمل المسلمين في تلك البلاد، حتى فوجئوا بالهزيمة الساحقة التي لحقت بهم على يد هؤلاء المسلمين ومقتل أحد أهم قادتهم ((بنج)) ابن أخت مليكهم لذريق، فانتزع المسلمون، بهذه المباغتة وهذا الانتصار، المبادرة من يد أعدائهم وأسقط في يد القوط، وأصبحت هزيمتهم على يد المسلمين قدراً محتوماً (?).
س ـ تنفيذ أسلوب ((رأس الجسر)): نفذ طارق، فور وصول جيشه إلى الساحل الأندلسي، أسلوب ((رأس الجسر)) وهو أسلوب يعمل به في الحروب الحديثة، فأقام على الساحل قاعدة حصينة سوّرها وحماها وانطلق منها في فتوحاته، تماماً كما يفعل أي جيش في أيامنا هذه (?).
ش ـ اختيار ميدان القتال: لقد أحسن طارق اختيار ميدان القتال وفرض على العدو أن يجابهه من جهة واحدة هي جبهة الشمال، ووضعه في موضع الاضطرار الاختيار.
ص ـ المبادرة بالقتال: كان طارق في هذه المعركة هو البادئ بالقتال بل بادر إلى اجتياز النهر لملاقاة عدوه، فناوشه ثلاثة أيام ثم شن عليه بعد ذلك هجوماً عاماً انتهى بهزيمته.
ر ـ صدق المسلمين ووفاؤهم بالعهود: كان المسلمون صادقين ووفوا بعهودهم تجاه يليان وأبناء غيطشة فأعادوا لهؤلاء ضياع أبيهم واحترموا تعهداتهم ليليان وأنصاره، وكانت نتيجة ذلك أن أعتقت سلالة كل من يليان وأبناء غيطشة الإسلام، فكان فيها من حسن إسلامه مثل أيوب (توفي سنة226 هـ) وسليمان (توفي سنة 379 هـ) وأحمد ((توفي سنة 388 هـ)) من