البرباط الذي بمر بوادي البرباط وأسند ميسرته إلى الوادي المذكور غرباً، كما اسند مؤخرة هذا الجيش إلى جبال ((رتينا)) العالية جنوباً، منتظراً أن يأتيه العدو من الشمال بعد أن وضعه في موضع الاضطرار لا الاختيار (?)، وما أن استكمل لذريق عدة الجيش وعديدة حتى تحرك جنوباً لمواجهة طارق وجيشه في المكان الذي اختاره هذا الأخير، فوصله في الأيام الأخيرة من شهر رمضان عام 92هـ وعسكر بجيشه على الجهة الشمالية للوادي (?)، والتقى الجيشان على نهر لكة من أعمال شذونة لليلتين بقيتا من رمضان سنة 92هـ واتصلت الحرب بين الجانبين ثمانية أيام استشهد فيها ثلاثة آلاف من المسلمين ولكن الهزيمة دارت على لذريق وجيشه، وقيل أن لذريق غرق وقتل كثير من جيشه، ومما يروي عن ابناء غيطشة أنهم خذلوا لذريق وتركوهم وأنصارهم مواقفهم أمام المسلمين ظناً منهم أن المسلمين إذا امتلأت أيديهم من الغنائم عادوا إلى بلادهم فبقي الملك لهم (?)، ولعل خذلان آل غيطشة وأنصارهم لذريق كان بدافع الانتقام منه (?)، ولا شك أن هذا الفتح مثل غيره يعود إلى قوة المسلمين بتمكن العقيدة وتغلغل معانيها في نفوسهم وحرصهم على الشهادة في سبيلها (?).
وبعد هذا النصر العظيم تعقب طارق فلول الجيش القوطي التي لاذت بالفرار. وسار الجيش الإسلامي فاتحاً لبقية مناطق الجزيرة الإيبيريّة (?).
أـ أسلوب ((الحذر واليقظة)) تجاه الحلفاء: لم يكتف موسى بن نصير بقول يليان ووعده بالعون والمساعدة في فتح الأندلس بل كلفه مهمة استطلاعية في تلك البلاد ليختبر صدقه ووفاءه بعهده، وقد كان يليان صادقاً بما قال ووفياً لما تعهد به، كما كان موسى حذراً ويقظاً ونبهاً.
ب ـ أسلوب الاستطلاع قبل الانزال: أراد موسى أن يستطلع البيئة التي سوف يقتحمها والعدو الذي سوف يقاتله والبقعة التي سوف يتم النزول فيها، وذلك قبل أن يدفع بجيشه في مغامرة مجهولة النتائج، فأرسل حملة استطلاعية بقيادة طريف بن مالك وما أن عادت تلك الحملة بالمعلومات الوافية عن البيئة والعدو وبقعة النزول حتى اطمأن إلى سلامة قراره فكتب إلى الخليفة يستأذنه بالفتح (?)
ج ـ الأسلوب المتكرر في الاختبار والحيطة: رغم ما سبق من اختبار سواء بواسطة الحملة التي قام بها يليان أو حملة طريف، فقد أبى الخليفة إلا أن يكرر الاختبار فقال