استشار موسى الوليد بن عبد الملك (86 ـ 96هـ) قبل اتصالاته بليُليان، أو اتصال هذا الأخير بموسى. وقد ترددت الخلافة ـ بادي الأمر ـ بالقيام بمثل هذا العمل الكبير، خوفاً على المسلمين من المخاطرة في مفاوز أو إيقاعهم في مهالك، ولكن موسى أقنع الخليفة بالأمر، ثم تمّ الاتفاق على أن يَسبق الفتح اختبار المكان بالسرايا أو الحملات الاستطلاعية (?).
نفذ موسى أوامر الوليد بأن جهز حملة استطلاعية مؤلفة من خمسمائة جندي منهم مائة فارس بقيادة طريف بن مالك الملقب بأبي زُرعة وهو مسلم من البربر وجاز هذا الجيش الزُّقاق ـ اسم يطلق أحياناً على المضيق (?) ـ من سبتة بسفن يُليْان أو غيره، ونزل قرب أو في جزيرة بالوما في الجانب الأسباني وعرفت هذه الجزيرة فيما بعد باسم هذا القائد: جزيرة طريف (?)، وكان إبحار هذه الحملة من سبتة في رمضان عام 91هـ) تموز 710م) وقد جال طريف في المدينة والنواحي المحيطة بها واستطلع أخبار العدو في تلك الجهات (?)، وعادت حملة طريف بالأخبار المطمئنة والمشجعة على الاستمرار في عملية الفتح (?)،، فقد درس أحوال المنطقة وتعرّف على مواقعها وأرسل جماعات إلى عدة أماكن ـ منها جبل طارق ـ لهذا الغرض فكانت هذه المعلومات عوناً في وضع خُطة الفتح ونزول طارق بجيشه على الجبل (?).
لما رأى موسى بن نصير ما حققته حملة طريف، وصحّ عنده ما نقل إليه من أحوال الأندلس، بعث طارق بن زياد في سبعة آلاف من المسلمين أكثرهم من البربر والموالي وأقلهم من العرب ولما احتاج طارق إلى أعداد في فترة تالية أمدّه موسى بخمسة آلاف فتمّ جيش طارق من السفن لنقل الجنود إلى بر الأندلس وقد حرص القائمون على الحملة لاستكمال عملية نزول الجند أن يُعموُا أخبار الحملة على الناس، لذلك أحضر يوليان السفن إلى سبتة ليلاً وأخذت تنقل الجنود تباعاً، ويبدو أن عملية إبحار الجند اقتضت أكثر من ليلة، فقيل أن الجند الذين نزلوا بر الأندلس كانوا يكمنون في النهار حتى لا يشعر بهم أحد، وكانت السفن تختلف