التي اتبعها المسلمون أثناء فتوحاتهم، وهي تأمين حدودهم ونشر دعوتهم وذلك بالمضي في جهادهم إلى ما وراء تلك الحدود، لنشر العقيدة الإسلامية التي تقتضي أن يستمر المدُّ الإسلامي ما دامت فيه القوة على الاستمرار، وبعد أن أرسى موسى بن نصير، ومن معه، كلمة الإسلام بجهودهم في المغرب الكبير، كانت الخطوة التالية الطبيعية هي فتح الأندلس وقد عمل موسى على إكمال جهود من سبقه من الجند الدعاة ـ قادة وجيشاً ـ في ترسيخ قدم الإسلام في الشمال الإفريقي، فقد عمل على تثبيت الإسلام في قلوب الناس ونشط في تعليمهم وتربيتهم على مبادئ الدين الحنيف، وآتت جهوده الدعوية ثمارها الزكية فقد أصبح البربر في تلك الديار من أخلص الناس للإسلام والدعوة إليه والجهاد في سبيل نشر تعاليمه، ولقد كانت أكثرية جيش طارق إلى الجزيرة الايبيريَّة من المسلمين البربر، الذين تحمسوا لدعوة الإسلام، حباً لها وتضحية من أجلها، لا طمعاً في مغنم أو حرصاً على جاه، فهذا هو هدف جميع الفتوحات الإسلامية التي يكفي الاطَّلاع عليها ومعرفة طبيعتها لرفض الإدعاءات وإسقاط المفتريات المزوّرة، التي تشير ـ تلميحاً أو تصريحاً ـ إلى إعتبار الغنائم سبب هذا الفتح، وهو أمر عاري من الحجج والبراهين والأدلة، وإنما هي أوهام لا تحمل أي رائحة من الطابع العلمي أو السند التاريخي (?).

1 ـ فكرة الفتح:

1 ـ فكرة الفتح: يمكن القول بأن فكرة فتح الجزيرة الايبيريَّة هي فكرة إسلامية تماماً. بل يُروى بأنها فكرة قديمة تمتد إلى أيام الخليفة الراشد عثمان بن عفان، فقد كان عقبة بن نافع الفهري يفكر في إجتياز المضيق إلى أسبانيا لو استطاع وسبق للمسلمين نشاط على شواطئ أسبانيا الشرقية وبعض الجزر القريبة منها، وهي مَيورْقة ومَنورقة، واليابسة، يذكر الذهبي أنه في سنة 89هـ: جهز موسى بن نصير ولده عبد الله، فافتتح جزيرتي مَيورْقة ومَنورقة (?)، أما الإتصال بيُليان حاكم مدينة سبتة أو بغيره من الأسبان فإنها جاءت مواتية على ما يبدو وفي الوقت الذي كان موسى بن نصير يفكر في تنفيذ فكرة الفتح ولكن كيف تم الاتصال بالجانب الأسباني ((يُليْان وأنصار الملك المخلوع وغيرهم،؟ اختلفت الأقوال فيما إذا تم الأمر بالمراسلة أو باللقاء الشخصي وأين؟ إذا كان هذا الاتصال أصلاً قد تمّ وبهذا المستوى على كل حال فإن اتصالات الجانب الأسباني بموسى ومساعداتهم ـ أثناء عمليات الفتح ـ ربما كانت عاملاً مساعداً سهّل سير الفتح أو عجّل به. لكن المبادأة ومردّ العمليات وإنجازها كانت من الجانب الإسلامي الذي اندفع مع الفتح بقوة فائقة معتمداً على الله في تحقيق ما يصبوا إليه من هداية الناس وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015