قومها من جراوة الذين كان يغلب عليهم الطابع البدوي فذهبوا إلى كل ناحية يقطعون الشجر، ويهدمون الحصون (?) .. فكانت إفريقية من طرابلس إلى طنجة ظلا وقرى متصلة فأخرجت جميع ذلك (?)، وقد أضر هذا التخريب بالبرانس والأفارقة حتى ألجأهم إلى الفرار وطلب المساعدة، وخرج يومئذ من النصارى والأفارقة خلق كثير مستغيثين مما نزل بهم من الكاهنة، فيتفرقوا على الأندلس وسائر الجزر البحرية (?)، وملكت الكاهنة إفريقية وأساءة السيرة في أهلها وعسفتهم وظلمتهم (?).

3 ـ استعادة البيزنطيين قرطاجنة وانسحاب حسان إلى سرت بليبيا:

كان لسقوط قرطاجنة بيد المسلمين أثر بالغ على البيزنطيين ووجدوا في خروج حسان من إفريقية والفوضى التي عمّت البلاد مجالاً لإعادة نفوذهم في الشمال الإفريقي، فجهز الإمبراطور ليونتوس ـ الذي خلف جستنيان الثاني ـ سنة 695م حملة كبيرة بقيادة البطريق يوحنا إلى إفريقية وأعد أسطولاً كبيراً لنقل الجند إليها، فتمكنت القوة البيزنطية من استعادة قرطاجنة سنة 78هـ، دون مقاومة تذكر واضطر أبو صالح نائب حسان عليها أن ينسحب منها مع من كان معه من المسلمين ودخلها البطريق يوحنا (?)، ويتضح من دراسة حركة الفتح أن مصير المغرب كان مرتبطاً إرتباطاً وثيقاً بالأوضاع في المشرق وأقام حسان في منطقة طرابلس قرب سرت في المكان المسمى قصور حسان خمس سنين، وحين استقرت الأوضاع في المشرق سارع عبد الملك بإرسال المدد إلى حسان وأمره بالمسير إلى إفريقية في أواخر سنة 81هـ (?).

4 ـ مقتل الكاهنة: 82هـ

كان خالد بن يزيد العبسي أسيراً عند الكاهنة، فأرسل إلى حسان: إن البربر متفرقون لا نظام لهم ولا رأي عندهم فأطوي المراحل وجد في السير (?). ودارت المعركة بين الكاهنة وحسان على مقربة من قابس وانتهت بنصر كبير للمسلمين، وبمقتل الكاهنة عند بئر سمي بئر الكاهنة (?)، وبعد هذا الانتصار عاد حسان إلى القيروان في سنة 82هـ، ومنها زحف إلى قرطاجنة وأعاد فتحها (?). وبهذا النصر المزدوج خلصت أرض إفريقية للمسلمين، تلت ذلك فترة استقرار ثم انطلاق لفتح ما تبقى من المغرب (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015