أن يحرق ما عنده من الطعام لييأسوا من المطاولة ويصح عندهم عزم مسلمة على المناجزة فيعطوا ما بأيديهم، وقيل أشار عليه أيضاً أن يأذن لأهل القسطنطينية لليلة واحدة أن يحملوا مما عنده من الغلال ليروا حسن رأيه فيهم وأن أمره وأمر ليو واحد وانطلت الخديعة على مسلمة وأطاع ليو، وأما ليو فقد استولى على الحكم وأعلن الحرب على مسلمة في الوقت الذي صار مسلمة في حال لا يحسد عليه من سوء الأحوال الجوية وقلة الميرة لجنده حتى لقوا من الشدة ما لم يلق أحد قط، واضطروا إلى أكل الدواب والجلود والميتة وأصول الشجر وغير ذلك (?)، وخلاصة القول، أن هذه الأخبار تلقي مسئولية الفشل على عاتق مسلمة بن عبد الملك الذي كان عندها شجاعاً فحسب ولم يكن من ذوي الرأي والبصيرة في الحرب، ولم يكن له رأي فيها يرجع إليه (?)، ولو صدقنا هذه الأخبار لكانت الدولة أي سليمان بن عبد الملك ابتداء، ومسلمة بن عبد الملك قائد الجيوش تالياً ربطا مصير فتح القسطنطينية ومصير الجند المسلمين هناك بوعود شخص هو ليو مظنة كذب وخديعة، وهو حال يتناقض واستعدادات الدولة في هذا الوجه (?)، وقد علق الأستاذ محمود شيت خطاب على حصار القسطنطينية فقال: وإذا كان هناك ما يلام عليه مسلمة في معركة حصار القسطنطينية فهو عدم استفادته كما ينبغي من الصفة الأولى من صفات حصار ((القسطنطينية)) وهي صفة ((المبادرة)) في التركيز بالهجوم على المدينة المحاصرة وإدامة زخم الهجوم عليها أولاً، وثقته غير المحدودة بحليفه ((ليو)) لأن الذي يخون بلاده وقومه أولى به أن يخون غير بلاده وغير قومه، فكانت هذه الثقة العمياء في هذا العميل لا مسوِّغ لها ثانياً، فالحرب من القضايا المصيرية، ولا بدّ من إدخال أسوأ الاحتمالات في كلِّ ما يؤَّثر في نتائجها من قريب أو بعيد (?).
ب ـ ضراوة الشتاء: بخصوص ضراوة الشتاء عام 99هـ قيل أن الثلج غطى وجه الأرض، وهلك فيه كثير مما كان مع المسلمين من الجمال والخيل والبغال ولابدّ أن المسلمين في هذه الأحوال الجوية القاسية أتوا على أكثر ما كان معهم من الطعام وأصبحوا في نقص من الميرة وعضّهم الجوع، ولذلك قيل، استطاع ليو أن يفخر بأن ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) كانوا أعظم قواده (?).
ت ـ مناعة أسوار المدينة وتحصيناتها الدفاعية:
أخذ حكام بيزنطة في تحصين أسوار