الفصل الثامن
الفتوحات الإسلامية في عهد عبد الملك والوليد وسليمان
وتجدر الإشارة في هذا الفضل سوف نجمع الفتوحات في عهد عبد الملك والوليد وسليمان لكي نعطي صورة متكاملة عنها بسبب ترابطها ببعضها.
في أواخر عام 73هـ شعر عبد الملك أن الدولة استعادت قوتها، وأنها تستطيع أن تستأنف جهادها وتعلي إرادتها، وكانت العلاقات قد ساءت بين دولة الروم والدولة الإسلامية في هذه الفترة، وأخذ الروم يتأهبون للانتقاض فكان عبد الملك لهم بالمرصاد وقد أحكم إعداده، فعين أخاه محمد بن مروان والياً على الجزيرة وأرمينية ليكون القائد في هذه الجبهة، ومنع عبد الملك إرسال النقود التي كانت يدفعها وقت الضرورة فأثار هذه حنق الأمبراطور الروماني البيزنطي، فأعلن الحرب، وقدم بجيش كبير ليغزو المسلمين من ناحية أرمينية، فلاقاه محمد بن مروان بجيشه ودارت موقعة عنيفة هزم فيها الروم على كثرة عددهم هزيمة شنيعة وفر الإمبراطور بنفسه وانفض عنه أكثر جنوده وكان ذلك عام 74هـ، فزعزعت هذه الوقعة الدولة البيزنطية (?)، واستغل عبد الملك هذا النصر وواصل ضغطه على الدولة البيزنطية عبر الحدود وانتظمت غزوات الصوائف والشواتي وشرع في التوغل داخل الأراضي البيزنطية القريبة فكانت الصوائف تخرج بانتظام للإغارة على هذه الأراضي يقودها محمد بن مروان أو غيره من أمراء بني أمية. وفي عام 81هـ بعث عبد الملك ابنه عبد الله بن عبد الملك ففتح ((قاليقالا)) وهي إحدى مدن الروم الكبيرة، وفي عام 84هـ تمكن عبد الله بن عبد الملك من فتح مدينة أخرى رئيسية، داخل دولة الروم في آسيا الصغرى، وهي مدينة ((المصيصة) فبنى حصنها، ووضع بها حامية من ثلاثمائة مقاتل من ذوي البأس، ولم يكن المسلمون يسكنوها من قبل وبني مسجدها وهكذا اندفعت قوة المسلمين إلى الإمام، تفتح المعاقل وتستولي على الحصون