ما هو إلا طالب سلطة ودولة, وإلا لما تعامل مع أخيه بتلك القسوة (?) , واستغل تلك الحادثة شعراء الخصوم, فقد قال الضحاك بن فيروز الديلمي ساخرًا من ادّعاء عبد الله بن الزبير الزهد والصلاح:

تخبرنا أن سوف تكفيك قبضة ... وبطنك شبرٌ أو أقلُّ من الشبر

وأنت إذا نلت شيئًا قضمته ... كما قضمت نار الغضا حطب السدر

فلو كنت تجزي أو تبيت بنعمة ... قريبًا لردتك العطوف على عمرو (?)

وقال عبد الله بن الزبير الأسدي مؤلبًا على ابن الزبير داعيًا عليه:

تحدث من لاقيت أنك عائذ ... وصرعت قتلى بين زمزم والركن

قتلتم أخاكم بالسياط سفاهة ... فيالك للرأي المُشَلَّل والأفن (?)

إلى أن قال: ... قطعت من الأرحام ما كان واشجًا ... على الشيب وابتعت المخافة بالأمن (?)

9 - تفوق خصوم ابن الزبير:

9 - تفوق خصوم ابن الزبير: ليس بمستغرب أن يتفوق بنو أمية على ابن الزبير, الذي لم تتح له الفرصة لأن يتولى إقليمًا من الأقاليم ليكتسب الخبرة, في حين أن بني أمية تهيأت لهم العديد من الفرص, خاصة بعد أن آلت الخلافة إليهم في عهد معاوية بن أبي سفيان, وفي الجانب العسكري نلمس تفوق بني أمية على ابن الزبير من حيث التكتيك الحربي, وقيادة الجيوش, ولعل من أبرز ما يلاحظ في ذلك أن مروان بن الحكم قد خرج بنفسه على جيش كبير لضم مصر, ثم باشر ابنه عبد الملك حرب العراق بنفسه, وهذا أتاح لهما التعرف على ما يدور في ساحة القتال عن كثب, كما أنه يعطي المقاتلين دفعة معنوية كبيرة, وفي المقابل نجد ابن الزبير يعتمد على قواده أو ولاة الأقاليم في حروبه ولم يغادر مكة قط, وقد انتقد عبد الملك بن مروان هذه السياسة فقال: إن عبد الله بن الزبير لو كان خليفة كما يزعم لأبدى صفحته, وآسى أنصاره بنفسه, ولم يغرز ذنبه في الحرم (?).

ويلاحظ أيضًا أن بني أمية منذ صراعهم مع ابن الزبير كانوا دائمًا في موضع المهاجم, بعكس ابن الزبير الذي ظل في موقف الدفاع (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015