عاملاً فافعل، فإن عزل عامل أحب إليّ من أن يشهر عليك مائة ألف سيف (?)، ومن الجدير بالذكر أن شكاية أهل العراق من ولاتهم كان منذ عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
جـ ـ الشام: أما الإقليم الثالث هو الشام، فإن وصية معاوية به تأتي من باب رد الجميل لأهل الشام لدورهم الكبير في مساندته بالوصول إلى الحكم وتأييدهم المستمر لسياسته لذا يوصي ابنه أن يجعلهم محل ثقته وعنايته وأن يذخرهم للمهمات الجسام في قوله: وانظر أهل الشام فليكونوا بطانتك وعيبتك فإن نابك شيء من عدوك فانتصر بهم فإذا أصبتهم فأردد أهل الشام إلى بلادهم فإنهم إن أقاموا بغير بلادهم أخذوا بغير أخلاقهم (?)، وتظهر الفقرة الأخيرة من هذا النص بعد نظر معاوية السياسي، فهو يسدي مخاوفه من اختلاط أهل الشام (?)، ببقية سكان الأقاليم الأخرى فتتبدل أخلاقهم نتيجة مكوثهم مدة طويلة ولربما استطاع المعارضون للحكم الأموي التأثير على جند الشام، على الرغم من التقاء مصالحهم مع مصالح البيت الأموي، فتسقط من يد الخلافة الأموية الورقة الرابحة التي طالما استخدمها معاوية وقطف ثمارها ولهذا يوصي معاوية ابنه بأن يسرع في إعادة جند الشام إلى بلادهم حال انتهاء مهمتهم (?)، ومن أهم ما في وصية معاوية خطته التي رسمها لولي عهده في مواجهة الأحداث المقبلة، وأوكل إليه تنفيذها بعد أن عجز هو من اقناع نفر من قريش بالبيعة ليزيد على الرغم من أن الروايات تذكر أن معاوية ذهب إلى الحجاز لهذا الغرض والتقى بالشخصيات التي رفضت البيعة ليزيد كلاً على انفراد في محاولة للحصول منهم على وعود بالبيعة (?)، إلا إن هذه الجهود لم تثمر في تذليل المصاعب قب ظهورها (?)،
والوصية تظهر أن الحجاز، وتحديداً المدينة، هي أكثر البلدان معارضة لحكم بني أمية ولهذا يوصي معاوية إبنه أن يكون حذراً ودقيقاً في تعامله معها، وأن يكون حازماً شديدا حين يتطلب الأمر ذلك، ومرناً ليناً مع من لا يشكلون خطراً حقيقاً عليه، لما للحجاز من أهمية بالغة في تقرير وتثبيت الحكم (?).
وكان معاوية رضي الله عنه مصيباً في رأيه بعبد الله بن عمر من أنه رجل قد وقذه الدين، ولا خطر على يزيد منه، وذلك أن الوليد بن عتبة حين طلبه للبيعة قال: إذا بايعت الناس بايعت فتركوه لثقتهم بزهادته في الأمر وشغله بالعبادة (?)، وكان مصيباً في حدسه من أهل العراق لن يتركوا الحسين بن علي رضي الله عنه حتى يخرجوه، ويبدو أنه كان متأكداً من وقوع الاصطدام بينهما، لذلك طلب من يزيد أن يعفوا عنه إذا تمكن منه، أما الخطر الحقيقي والذي يتطلب الحزم