بلادها ممن كانوا على رأس الخارجين عليها، وممن تخشى غدرهم بها وتهديدهم لعرشها، وتخلّصت بذلك من أشدَّ أعدائها خطراً على عرشها وحاضرها، ومستقبلها، وحين تمَّ الصلح بين خاتون وسعيد، زارت خاتون سعيداً بمقرِّه، فطلعت عليه في زينتها الملكية، وكانت نادرة الجمال على ما يقال، فادّعى أهل بخاري أن القائد المسلم أعجب بجمالها أيّما أعجاب، وجرى ذكر إعجاب سعيد بها في الأغاني الشعبية التي لا يزال أهل بخاري يردِّدونها ويتغنون بها حتى اليوم ولكن هذا الإعجاب لا ذكر له في المصادر العربية الإسلامية المعتمدة، ومن الواضح أنه أقرب إلى خيال الأدباء والفنانين منه إلى حقائق المؤرخين.

وغزا سعيد سمرقند، فأعانته خاتون بأهل بخاري، فنزل على باب سمرقند، وحلف ألاّ يبرح أو يفتحها وقاتل المسلمون أهل سمرقند ثلاثة أيام، وكان أشدّ قتالهم في اليوم الثالث حيث فُقئت عين سعيد، ولزم أهل سمرقند أن يفتح سعيد ذلك القصر عنوة ويقتل من فيه، فطلبوا الصلح، فصالحهم على سبعمائة ألف درهم، وعلى أن يعطوه رهناً من أبناء عظمائهم، وعلى أن يدخل المدينة ومن شاء ويخرج من الباب الآخر، فأعطوه خمسة وعشرين من أبناء ملوكهم، ويقال: إنهم أعطوه أربعين من أبناء ملوكهم، ويقال: ثمانين (?) وكان معه من الأمراء المهلب بن أبي صُفرة الأزدي وغيره واستشهد معه يومئذ قثم بن العباس بن عبد المطلب، وكان يُشبَّه بالنبي صلى الله عليه وسلم (?)، وكان أخوه عبد الله بن عباس دفن بالطائف وأخوه معبد استشهد بأفريقية وعبيد الله بالمدينة وكلهم من أب واحد وأم واحدة قال تعالى: ((وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) (لقمان، الآية: 34).

هذا وانصرف سعيد بن عثمان إلى (تِرْمِذ) ففتحها صلحاً (?) وقد كان سعيد شاعراً ومن شعره في معاوية قوله:

ذكرت أمير المؤمنين وفضله

فقلت جزاه الله خيراً بما وصل

وقد سبقت مني إليه بوادر

من القول فيه آفة العقل والزلل

فعاد أمير المؤمنين بفضله

وقد كان فيه قبل عودته ميل

وقال: خراسان لك اليوم طعمه

فجوزي أمير المؤمنين بما فعل

فلو كان عثمان الغداة مكانه

لما نالني من ملكه فوق ما بذل (?)

وعزل معاوية سعيد عام 57 هـ، فأخذ سعيد ما لا من خراج خُراسان، فوجّه معاوية من لقبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015