أستخدمهم الروم وسيلة لرصد حركات الدولة الإسلامية ونقاط ضعفها وإبلاغ الروم عنها متخذين من مرتفعات طوروس وجبل اللكام مقراً لهم (?)، بدأ الخليفة نشاطه البحري بإرسال حملات بحرية استطلاعية منها حملة فضالة بن عبيد الأنصاري (?)، للوقوف على تحركات الروم وجلب المعلومات الدقيقة عنهم لمنعهم من استخدام جزر قبرص، وأرواد (?)، ورودس ذوات الخدمة التعبوية والعسكرية في عملياتهم ضد الأسطول الإسلامي وقد باشر أعماله الاستطلاعية بإحدى الشواتي وهي شاتية بسر بن أبي أرطأة في البحر عام 43 هـ (?) وأعقبها بشاتية مالك بن عبد الله بأرض الروم سنة 46 هـ وصائفة عبد الله بن قيس الفزاري بحراً وحملة عقبة بن عامر الجهني بأهل مصر في البحر سنة 48 هـ، وصائفة بن عبد الله بن كرز البجلي، وحملة بن عبد الله بن يزيد بن شجر الرهاوي، وشاتيته بأهل الشام في سنة 49 هـ (?)، وكان نظام الشواتي والصوائف مستمراً.
فقد وضع معاوية أمامه هدفاً واضحاً وهو محاولة الضغط على الدولة البيزنطية من خلال الضغط على عاصمتها القسطنطينية تمهيداً للاستيلاء عليها، ولعل معاوية رضي الله عنه كان يرمي إلى إسقاط الدولة البيزنطية ذاتها بالاستيلاء على عاصمتها فهو يعلم أن هذه العاصمة العتيدة هي مركز أعصاب الدولة ومستقر الأموال والرجال، وفيها العقول المفكرة، فإذا سقطت في يده فإن هذا سيؤدي إلى شلل كامل في الدولة كلها، وأمامه تجربة المسلمين مع الفرس، فبعد سقوط المدائن عاصمتهم في أيديهم أصابهم الارتباك ولاحقهم الفشل، ولم تقم لهم قائمة وزالت دولتهم، فإذا استطاع إسقاط عاصمة البيزنطيين فسيكون ذلك نذيراً بإسقاط الدولة، ويستريح من خصم عنيد وعدو رئيسي، لذلك واصل ضغطه ومحاولاته لتحقيق هدفه، وليس من المبالغة القول إن الدولة البيزنطية ظلت على قيد الحياة مدة تقرب من ثمانية قرون، وهي مدينة ببقائها لعاصمتها القسطنطينية، فمناعة المدينة وصمودها أمام محولات الأمويين المستمرة لفتحها، حال دون ذلك وبالتالي حال دون سقوط الدولة والدليل على هذا أنه عندما استطاع السلطان العثماني محمد الفاتح فتح القسطنطينية والاستيلاء عليها في سنة 857 هـ التاسع والعشرين من مايو سنة 1453م كان إيذاناً بسقوط الدولة البيزنطية وزوالها من الوجود (?).