عن أبي هريرة، ورواية جمهرة من التابعين عنه ممن لاقوا علياً رضي الله عنه ورووا عنه، ورواية عدد كبير آخر من جماهير الشيعة والكوفيين ومحبي ذرية علي من طبقة أتباع التابعين والطبقة التي تليهم لحديث أبي هريرة، واستعماله له، واستدلالهم به، وتدوينه في كتبهم (?).

إن الحقيقة العلمية التاريخية تقول لا يوجد أي دليل يعتمد عليه في تشيع أبي هريرة للأمويين، أو محاربته وعداوته لعلي وأبنائه وإنما ظلم وافتراء واختلاق على الحقيقة، وإنما ما نسب إليه من أحاديث في مدح الأمويين، إنما هي ضعيفة وموضوعة عليه وأهل الخبرة في هذا الشأن بينوا الكذابين والواضعين لها (?).

وأما دعوى كون الدولة الأموية وضعت أحاديث لتعمم بها رأياً من آرائها، فهذه دعوى لا وجود لها إلا في خيال الكذّابين، فما روى لنا التاريخ أن الحكومة الأموية وضعت أحاديث، ونحن نسأل من زعم ذلك أين هي تلك الأحاديث التي وضعتها الحكومة؟ إن علماءنا اعتادوا ألا ينقلوا حديثاً إلا بسنده، وها هي أسانيد الأحاديث الصحيحة محفوظة في كتب السنة، ولا نجد حديثاً واحداً من آلافها الكثيرة في سنده عبد الملك أو يزيد أو الوليد أو أحد عمالهم كالحجاج وخالد القسري وأمثالهم، فأين ضاع ذلك في زوايا التاريخ لو كان له وجود؟ وإذا كانت الحكومة الأموية لم تضع بل دعت إلى الوضع، فما الدليل على ذلك (?)؟ وأما ما زعمه عبد الحسين وأبو رية بأن أبا هريرة كذب على رسول الله إرضاء للأمويين ونكاية بالعلويين (?)، فأبو هريرة من كل هذا براء ولكنهما أوردا أخباراً ضعيفة وموضوعة لا أصل لها (?)، وكل ما كان في هذا الشأن وما جاءنا من هذه الأخبار الباطلة إنما كان عن طريق أهل الأهواء الداعين إلى أهوائهم، المتعصبين لمذاهبهم، فتجرؤوا على الحق، ولم يعرفوا للصحبة حرمتها، فتكلموا في خيار الصحابة واتهموا بعضهم بالضلال والفسق، وقذفوا بعضهم بالكفر وافتروا على أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم (?).

ولقد كشف أهل الحديث عن هؤلاء الكذبة، وكشف الله بهم أمر هذه الفرق وأماط اللثام عن وجوه المتسترين وراءها فكان أصحاب الحديث هم جنود الله عز وجل، بينوا حقيقة هؤلاء، وأظهروا نواياهم وميولهم، فما من حديث أو خبر يطعن في صحابي أو يشكك في عقيدة، أو يخالف مبادئ الدين الحنيف إلا بين جهابذة هذا الفن يد صانعه، وكشفوا عن علته، فادعاء هؤلاء مردود حتى يثبت زعمهم بحجة صحيحة مقبولة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015